هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 465 - الجزء 2

  (أو) نقول في حجة القائل بأنها للطلب المشترك بين الوجوب والندب: ثبت (الرجحان⁣(⁣١)) بالضرورة من اللغة، فالتخصيص بواحد من الوجوب والندب زيادة من غير دليل فلا يصار إليه، فوجب جعلها للقدر المشترك بينهما⁣(⁣٢) دفعاً للاشتراك والمجاز.

  (أو) نقول في حجة القائل بأنها للإذن المشترك بين الوجوب والندب والإباحة بأنه ثبت (الإذن) بالضرورة من اللغة (والزيادة) المفيدة لتخصيص أحدها زيادة (بلا دليل) فوجب جعلها للقدر المشترك بينها دفعاً للاشتراك والمجاز.

  (قلنا:) إن لنا في الجواب عليهم جميعاً وجهين: الأول: لا نسلم أن جعلها للوجوب زيادة قيد بلا دليل، بل (ثبت بأدلتنا).

  والثاني: أن ما ذكروه إثبات للغة بلوازم الماهيات⁣(⁣٣)، وذلك أنهم جعلوا الجواز لازماً للإباحة والرجحان لازماً للوجوب والندب والإذن لازماً للثلاثة، فجعلوا باعتبار هذه اللوازم صيغة الأمر لملزوماتها مع احتمال أن تكون لواحد من الملزومات بخصوصه، أو مشتركاً أو للمشترك، وذلك باطل؛ لأن طريق معرفة


(قوله): «أو مشتركاً» أي: مشتركاً لفظياً بينها.

(قوله): «أو للمشترك» أي: للمعنى المشترك، فيكون متواطياً.


(١) لجانب الفعل على الترك في قول القائل: «افعل» من غير أن يكون ذلك الرجحان مانعاً من النقيض حتى يكون للوجوب أو غير مانع منه حتى يكون للندب. (رفواً).

(٢) وهو مطلق الطلب. اهـ وقوله: دفعاً للاشتراك يعني الذي هو خلاف الأصل. (رفواً).

(٣) وهو خطأ، وإنما قلنا إنه إثبات للغة بلوازم الماهيات لأن مطلق الطلب المستلزم لرجحان الفعل لازم ماهية الوجوب والندب؛ لأنه كلما تحقق الوجوب أو الندب تحقق الطلب، وقد قلتم: إن مطلق الطلب لما كان لازم ماهية كل منهما يجعل الأمر له. وأما أنه خطأ فلأنه يوجب رفع المشترك؛ إذ ما من لفظ مشترك إلا ويشترك مفهوماه في لازم، فيجعل اللفظ له دفعاً للاشتراك، فيلزم رفع الاشتراك اللفظي بالاشتراك المعنوي. (من شرح البدائع للأصفهاني).