هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 472 - الجزء 2

  للإباحة، وهو اختيار الجويني؛ وذلك (للتعارض) بين أدلة المذهبين عنده.

  القول الرابع قوله: (وقيل) بالتفصيل، وهو مذهب الغزالي، وتحريره أنه (إن كان الحظر) السابق لصيغة الأمر عارضاً (لعلة علق الأمر) الوارد بعده (بزوالها) مثل قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}⁣[المائدة: ٢]، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ}⁣[الجمعة: ١٠]، {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ}⁣[البقرة: ٢٢٢] (فإسقاط) للحظر؛ وذلك لأن عرف الاستعمال يدل على أن ما هذا شأنه ليس إلا لرفع الذم، فيرجع الحكم إلى ما كان عليه في الأصل⁣(⁣١)، واحتمال أن يكون رفع هذا الحظر بندب أو إيجاب احتمال مرجوح؛ لأن الأغلب ما ذكرناه (وإلا) يكن الحظر عارضاً لعلة ولا علق صيغة «افعل» بزوالها (فكما كان) يعني فيبقى موجب الصيغة كما كان لو لم يرد بعد الحظر، وهو التردد بين الوجوب والندب⁣(⁣٢) كما تقدم من حكاية مذهبه، قال: ونزيد هاهنا احتمال الإباحة، وتكون هذه قرينة تروج هذا الاحتمال وإن لم تعينه؛


(قوله): «يدل على أن ما هذا شأنه» أي: فيما كان الحظر لعلة علق الأمر بزوالها.

(قوله): «ليس إلا لرفع الذم» أي: لا مع زيادة قيد يدل على الندب أو على الإيجاب، وهذا معنى قول المؤلف: واحتمال أن يكون رفع هذا الحظر بندب أو إيجاب احتمال مرجوح.

(قوله): «لأن الأغلب ما ذكرنا» وهو أن الأمر لرفع الذم فقط.

(قوله): «ولا علق» الأولى إسقاط لفظ «ولا»⁣[⁣١] كما لا يخفى.

(قوله): «كما تقدم من حكاية مذهبه» أي: مذهب الغزالي من أن الأمر يحتمل الوجوب أو الندب.

(قوله): «وتزيد هاهنا» أي: على جهة احتمال الوجوب أو الندب.

(قوله): «وتكون هذه» أي: حالة تقدم الحظر.

(قوله): «وإن لم تعينه» أي: هذا الاحتمال، أعني احتمال الإباحة، ولو قال: وإن تعين الإباحة لكان أظهر⁣[⁣٢].


(١) وهو الوجوب، كما في قوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ ...} الآية [التوبة: ٥]، والإباحة كما في قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}⁣[المائدة: ٢]، ونحوهما من الآيات.

(٢) كما لو أمر بقتال نساء الكفار بعد النهي عنه. (نظام الفصول للجلال). وعبارة شرح الغاية لجحاف بعد قوله: فإسقاط: كلو قال: لا تبع البر بالبر متفاضلاً وبعه إن لم يكن كذلك، فليس الأمر هنا إلا لمجرد إسقاط الحظر، وإلا يكن الأمر معلقاً بذلك فكما كان قبل الحظر إن واجباً فواجب أو مندوباً فمندوب أو مباحاً فمباح، نحو: «إذا انقضت حيضتك فصلي»، و «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها»، {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}⁣[المائدة: ٢].


[١] الظاهر أنه لا بد منه ليدخل فيه ما لم يكن لعلة أصلاً. (حسن بن يحيى ح).

[٢] عبارة المؤلف قوية اهـ الظاهر أن عبارة المحشي وإن لم تعين الإباحة، وهي مظنن عليها في بعض النسخ. (ح عن خط شيخه).