[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  مدلول صيغة الأمر طلب حقيقة الفعل (والمرة والتكرار) بالنسبة إلى الحقيقة (أمر خارجي) فيجب أن يحصل الامتثال بالحقيقة مع أيهما حصلت ولا يتقيد بأحدهما دون الآخر.
  وثانيهما قوله: (وأيضاً هما) أي: المرة والتكرار (من صفات الفعل) أي: المصدر (قطعاً كالقليل) والكثير؛ لأنك تقول: اضرب ضرباً قليلاً أو كثيراً أو مكرراً أو غير مكرر، فيتقيد بصفاته المنوعة المتقابلة (والموصوف لا يدل على الصفة) المعينة من المتقابلات بإحدى الدلالات الثلاث.
  (و) الجواب: أن (الأول) من هذين الوجهين (مصادرة) على المطلوب؛ لأن مبناه على القطع بأن مدلول الصيغة طلب حقيقة الفعل من غير تقييد بشيء من صفاتها، وهذا عين النزاع بلا إشكال.
  (و) أن الوجه (الثاني لا يفيد المطلوب) لأنه إنما يفيد دلالة المصدر المشتق منه صيغة الأمر على نفس الحقيقة لا على أحدهما، ولا يفيد عدم الدلالة عليهما بالصيغة، وجائز أن تفيد الصيغة ما لا يفيده مصدرها.
  (قيل: لو كان) الأمر أي: صيغته موضوعة (لأحدهما) بخصوصه (لم يقيد بكل منهما) فلم يجز أن يقال: اضرب مرة أو مرات؛ لاستلزامه التناقض أو التكرار.
  (ورُدَّ) بأن المراد الدلالة بحسب الظهور لا النصوصية، فيكون في أحدهما
(قوله): «لو كان لأحدهما» أي: المرة أو التكرار «بخصوصه» هذا إيراد من قبل القائل بالمذهب الثالث.
(قوله): «لاستلزامه التناقض» إن قيد بالمرة عند القائل بالتكرار، أو قيد بالتكرار عند القائل بالمرة.
= الصورتين، وما ذاك إلا أن نقول: يدل على طلب إدخال ماهية المصدر في الوجود، وإذا ثبت ذلك وجب ألا يدل على التكرار؛ لأن اللفظ الدال على القدر المشترك بين الصورتين المختلفتين لا دلالة فيه على ما به تمتاز إحدى الصورتين عن الأخرى لا بالوضع ولا بالاستلزام، فالأمر لا دلالة فيه البتة لا على التكرار ولا على المرة الواحدة، بل على طلب الماهية من حيث هي، إلا أنه لا يمكن إدخال تلك الماهية في الوجود بأقل من المرة الواحدة، فصارت المرة الواحدة من ضرورة الإتيان بالمأمور به، فلا جرم دل على المرة الواحدة من هذا الوجه.