[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  ظاهراً وفي الآخر مجازاً، وحينئذ لا امتناع في التقييد بكل من المعنيين، فنقول: (قيد(١) بما هو له لدفع الاحتمال، وقيد بالآخر للصرف عن الظاهر).
  ولقائل أن يقول: المدعى هو أن الصيغة المجردة عن القرائن موضوعة للحقيقة المطلقة عن قيد المرة والتكرار، فمدلول الصيغة المجردة لو لم يكن الحقيقة المطلقة المشتركة بين الأفراد فقط لوجب أن يكون مدلولها إما الحقيقة المقيدة بالمرة أو
(قوله): «لدفع الاحتمال» فينتفي التكرار. وقوله: «قيد بالآخر» أي: بالمعنى الآخر المجازي، وقوله: «للصرف عن الظاهر» أي: المعنى الحقيقي.
(قوله): «ولقائل أن يقول ... إلخ» لما ورد على حجة المذهب الثالث ما عرفت من الجواب والإيراد قرر المؤلف # حجته بما لا يتوجه عليه شيء من ذلك، وحاصله إبطال قول أهل المرة والتكرار؛ فيلزم حقية المذهب الثالث.
(قوله): «لو لم يكن الحقيقة» الأحسن أن يقال: لو لم يكن هو الحقيقة بضمير الفصل. ولم يبين[١] المؤلف # وجه الملازمة؛ لظهوره إذ لو لم يلزم ذلك لخلا اللفظ عن الإفادة.
(قوله): «فقط» قيد لقوله: المطلقة، أي: لا مع اعتبار قيد المرة أو التكرار.
(١) أقول: فيه بحث؛ لأن التقييد بما هو له لدفع الاحتمال تأكيد، والتأسيس أظهر من التأكيد وأصل بالنسبة إليه، والتقييد بخلاف ما هي له للدلالة على كونها مصروفة عن الظاهر متضمنة لحمل اللفظ على غير الظاهر، والأصل عدمه، فيتم الدليل الثاني واندفع الإيراد. والحاصل أنا نقيد الأمر تارة بالمرة وتارة بالتكرار من غير أن يكون القيد للتأكيد ومن غير الصرف عن الظاهر فتدبر. ثم أقول: هذا الكلام من المصنف - يعني ابن الحاجب - لا يطابق ما سيجيء من حيث قال: إذا أمر بفعل مطلق فالمطلوب الفعل الجزئي الممكن المطابق للماهية الكلية، لا الماهية؛ إذ لا شك أن الجزئي هو الماهية المقيدة بالوحدة، إلا أن يقال: إن مرادهم من المرة أن لا يكون متكرراً، وحينئذ تظهر فائدة الخلاف في أن المطلوب هو الحقيقة أو المرة. وقيل: إن هذا الكلام من المصنف مخالف لما اختاره في شرح المفصل من أن اسم الجنس موضوع للطبيعة المقيدة بالوحدة المطلقة. أقول: قد صرح صاحب المفتاح في بحث التعريف باللام أن ذلك الخلاف فيما عدا المصادر الغير المنونة، وأما المصادر الغير المنونة التي كانت في ضمن المشتقات فالإجماع على أنه للطبيعة من حيث هي، فالصواب في بيان المدافعة بين كلاميه ما أشرنا إليه، فتأمل. (ميرزاجان). وفي شرح الشرح كلام يتعلق به هذا، وهو: وقد يعترض عليه بالمنع ... إلخ.
[١] وهو أن مدلول الصيغة منحصر في هذه الأقسام، فإذا لم يتحقق في المطلق فقط فلا بد أن يتحقق في أحد الأقسام الباقية، فما ذكره المحشي غير ظاهر. (حسن بن يحيى عن خط شيخه العلامة السياغي).