[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  علي وابنه وأبي الحسين، ولأنه لو كان يقتضي التراخي للزم أن لا يكون المبادر ممتثلاً؛ لأنه خالف مقتضى الأمر، وهو خلاف الإجماع، فالأولى حمل مذهب التراخي على هذا المذهب(١)، وقد صرح كثير من النقلة بأن المراد بالتراخي في قول الأئمة ما ذكرناه.
  (وقيل:) هو إما (للفور أو العزم) يعني يجب على المأمور في أول الأوقات(٢)
(قوله): «ولأنه لو كان يقتضي التراخي» عطف على معنى قوله: ويدل على ذلك؛ لأنه في تقدير لدلالة ما ذكره السيد أبو طالب في المجزي مستدلاً ... إلخ.
(قوله): «وهو خلاف الإجماع» هذا مبني على عدم الاعتداد بقول غلاة المتوقفين، وذلك أنه كما يأتي سرف عظيم في حكم الوقف، وسيأتي للمؤلف # في شرح قوله وإن بادر ما يؤيد هذا حيث قال: وقد قيل: إن التوقف في امتثال المبادر خرق للإجماع.
(قوله): «بأن المراد بالتراخي في قول الأئمة ما ذكرناه» من أن الأمر لا يفيد فوراً ولا تراخياً[١]، فقصد المؤلف # بذلك إرجاع القول الثاني إلى الثالث ضماً لنشر الخلاف.
(قوله): «وقيل للفور أو العزم» ظاهر العبارة وكذا عبارة ابن الحاجب حيث قال: إما الفور أو العزم أن الترديد في مدلول الأمر بأنه إما للفور أو العزم، وليس ذلك هو المراد، وأشار في شرح المختصر إلى أن الترديد بين الفعل أو العزم لا في المدلول فلا ترديد فيه، بل مدلول الأمر هو الفور، حيث قال: وقال القاضي: يقتضي على الفور إما الفعل في الحال أو العزم على الفعل في ثاني الحال. واعتمده الشيخ العلامة في شرح الفصول، فإنه قال: والمراد أن الباقلاني يقول: إن الأمر المطلق يقتضي الفور، لكنه يقول: لا يعصي بالتأخير إذا عزم على الفعل. والمؤلف # أيضاً لم يجعل الترديد في المدلول حيث قال: يعني يجب على المأمور في أول الأوقات ... إلخ، فقوله: في أول الأوقات كقوله في شرح المختصر: على الفور؛ إذ المعنى يجب على الفور إما الفعل أو العزم، إلا أن المؤلف # يفهم من كلامه[٢] أن الأمر يقتضي ذلك الوجوب ويدل عليه كما في شرح المختصر، ولعله مراده. ثم إن المؤلف # ذكر أن ما نقله ابن الحاجب راجع إلى ما نقله الجويني من أنه لا يفيد فوراً ولا تراخياً عند الباقلاني، وهذا الذي ذكره المؤلف # لا تحتمله هذه العبارة، أعني قوله: إما للفور أو العزم؛ إذ تفوت معه فائدة ذكر الفور. ويمكن توجيه ما ذكره المؤلف # بأنه ليس معنى رجوع ما نقله ابن الحاجب إلى ما نقله الجويني اتحاد العبارتين، وذلك ظاهر، بل المراد أن ما نقله ابن الحاجب إنما يتم بملاحظة ما نقله الجويني، بيان ذلك أنك قد عرفت أن قوله: للفور أو التراخي ليس معناه أنهما مدلول الأمر، بل المعنى أنه يجب إما الفعل أو العزم، =
(١) فيكون المراد بالتراخي عدم اقتضاء الفور لا اقتضاء عدمه حتى يلزم عدم امتثال المبادر فتأمل. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد |).
(٢) وهو ثاني وقت الخطاب مع الإمكان.
[١] فعلى هذا كأن الناقل قال هكذا: وقيل للتراخي، والمراد أن الأمر لا يفيد فوراً ولا تراخياً، وهذا تناقض، بل الظاهر أن مراد الشارح بما ذكرناه تقييد القول بالتراخي بقوله: والمبادر ممتثل فتأمل، والله أعلم. (ح عن خط شيخه).
[٢] الظاهر أن الأمر بالعكس، وأنه يفهم الوجوب من كلام المؤلف ظاهراً، بخلاف عبارة شرح المختصر فلا يفهم ظاهراً فتأمل اهـ لم يكن في كلام المؤلف أن الأمر هو الذي اقتضى ذلك الوجوب، بخلاف كلام شرح المختصر، ولعل المحشي يشير إلى هذا فتأمل. (ح قال عن خط شيخنا عافاه الله).