هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 490 - الجزء 2

  إما الفعل أو بدله، وهو العزم عليه فيما بعد، وهذا رواه ابن الحاجب وغيره عن القاضي أبي بكر الباقلاني، وهو بناء على قياس مذهبه في الموسع.

  والذي نقله عنه الجويني في البرهان أنه لا يفيد فوراً ولا تراخياً، والظاهر أن هذا النقل يرجع إلى ما نقله عنه الجويني إلا أنه يشترط في جواز التأخير العزم، وهذا كما اختاره أبو طالب⁣(⁣١).

  (وقيل بالوقف) في مدلوله (لغة) أهو للفور أم لا (و) لكن (المبادر ممتثل) سواء كان للفور أو للقدر المشترك⁣(⁣٢)، وهذا القول رواه ابن الحاجب عن الجويني، وظاهر كلامه أنه لا يتوقف فيه لغة، بل هو عنده بحسب اللغة لمطلق الفعل، وإنما يتوقف في تأثيم المؤخر؛ لأنه قال في البرهان: وأما الواقفية فقد تحزبوا حزبين، فذهب غلاتهم في المصير إلى الوقف إلى أن الفور والتأخير إذا لم يتبين أحدهما ولم يتعين بقرينة فإذا أوقع المخاطب ما خوطب به عقيب فهمه للصيغة لم يقطع بكونه ممتثلاً؛ لجواز أن يكون غرض الآمر به أن يؤخره، وهذا سرف عظيم في حكم الوقف، وذهب المقتصدون منهم إلى أن من بادر أول الوقت كان ممتثلاً قطعاً، فإن


= وإذا لم يكونا مدلول الأمر فوجوب الفعل أو العزم إنما يتم بأن لا يفيد الأمر فوراً ولا تراخياً كما ذكره المؤلف #؛ إذ لو كان للتراخي لم يجب العزم في أول الأوقات، ولو كان للفور في الفعل لم يجز التراخي مع العزم. والمحوج للمؤلف # إلى اعتماد عدم دلالته على الفور والتراخي محاولة إرجاع القول بالتراخي إلى القول الثالث فتأمل، هذا ما يتكلف في تصحيح المقام.

(قوله): «وهذا كما اختاره أبو طالب» هذا بناء على ما نقله المؤلف # عن المجزي لا على ما روي عن أبي طالب من أنه يقول بالتراخي، إلا أن يكون القول بالتراخي يرجع إلى القول بأن الأمر لا يفيد فوراً ولا تراخياً كما ذكره المؤلف # فيما سبق.

(قوله): «وظاهر كلامه» أي: الجويني ... إلخ، هذا من المؤلف # اعتراض على رواية ابن الحاجب عن الجويني.

(قوله): «في المصير» متعلق لغلاتهم، أي: المغالين في المصير. وقوله: إلى أن الفور متعلق بذهب، وينظر أين خبر إن، ولعله جملة الشرط - أعني إذا لم يتبين - وجوابه، وهو فإذا أوقع المخاطب، ولعل العائد ضمير أحدهما.


(١) من أنه لا بد من العزم إذا أخر الفعل عن أول أوقات الأمر كما مر له في الواجب الموسع.

(٢) وأما وجوب التراخي فغير محتمل. (عضد).