[فصل: في الأوامر]
[هل يجب القضاء بأمر جديد]
  مسألة: ذهب أئمتنا والجمهور من الفقهاء والمتكلمين إلى أن (القضاء) - وقد عرفت حقيقته فيما سبق - إنما يجب (بأمر جديد) لا بأمر الأداء.
  وذهب الحنابلة وأكثر الحنفية منهم أبو بكر الرازي: إلى أنه يجب القضاء بالأمر الأول، وروي عن القاضي عبدالجبار وأبي الحسين البصري، والرواية عن أبي الحسين غير صحيحة؛ لأن كلامه في المعتمد صريح في اختيار المذهب الأول.
  وحجة الأولين قوله: (لأن الأول) وهو أمر الأداء (لا يستلزمه) قطعاً.
  بيان ذلك: أن قول القائل: «صم يوم الخميس» لا يدل على صوم يوم الجمعة بوجه من وجوه الدلالة، فقوله: «لا يستلزمه» يعني: لا يدل عليه بالالتزام؛ لأنه أقرب ما يقدر فيه بعد القطع بانتفاء دلالته عليه صريحاً، فما ثبت قضاؤه فبأمر مجدد، مثل قوله ÷: «من نسي صلاة(١) أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها» رواه البخاري ومسلم عن أنس.
  وحجة الآخرين قوله: (قيل: الزمان غير داخل) في المأمور به؛ لأنه ليس من فعل المكلف، بل هو من ضروراته(٢)، والأمر إنما يتعلق بما هو من فعل المكلف، وما لا يكون داخلاً في المأمور به لا يكون مطلوباً، وما لم يكن مطلوباً (فلا أثر لاختلاله في السقوط) لما اقتضاه الأمر، وهو الفعل لا غير.
  (قلنا:) لا نسلم أنه غير داخل، بل هو (داخل) لأن الكلام ليس في الفعل المطلق، بل في المقيد بوقته (وإلا) يكن الكلام في الفعل المقيد(٣) بوقت مخصوص
(قوله): «في السقوط» متعلق بأثر، أي: لا تأثير في السقوط لاختلاله.
(قوله): «لما اقتضاه» متعلق بالسقوط، واللام للتقوية[١]، أي: في سقوط ما اقتضاه الأمر.
(١) في نسخة: صلاته.
(٢) نسخة: ضرورياته.
(٣) الصواب: وإلا يكن الزمان داخلاً في الفعل المقيد ... إلخ. (من خط المتوكل على الله إسماعيل |). وشكل على هذا في نسخة السيد العلامة زيد بن محمد |.
[١] شكل عليه، ووجهه أن لام التقوية تدخل على المفعول ونحوه لا على الفاعل فتأمل. (ح عن خط شيخه).