[فصل: في الأوامر]
  وقيل: إنه يكون آمراً به، فيكون الصبي والعبد في الحديث والمثال مأمورين بأمر الآمر الأول. وقد مثل له بحديث الصحيحين وغيرهما أنه ÷ قال لعمر وقد طلق ابنه عبدالله امرأته(١) وهي حائض: «مره ليراجعها - وفي رواية: فليراجعها - حتى تطهر».
  قيل: في التمثيل به نظر؛ لأنه صرح فيه بالأمر من الشارع بالمراجعة، وهو قوله: «ليراجعها» بلام الأمر، وإنما يكون مثالاً لو قال: مره بأن يراجعها، فتعين أن يكون مبلغاً ليس إلا.
  قلت: بل(٢) في هذا التنظير نظر؛ لأن غاية ما فيه أن يكون كقوله: قل له: راجعها، بصيغة الأمر، فكما أن هذه العبارة مما نحن فيه كذلك ما جاء في الحديث، ولعله سبق إلى وهمه أن النزاع مخصوص بنحو: مره بكذا، وقد صرح العلامة في شرح المختصر والتفتازاني وغيرهما بالعموم.
  وأما كون عمر مبلغاً فليس الوجه فيه ما ذكره، بل فَهْمُ التبليغ هنا كفهمه من قول الملك لوزيره: مر بكذا، ولذا وجبت الرجعة عند المالكية، وأما عندنا فيفهم الندب من قرائن أخر، مثل كون الأمر بالرجعة لا يزيد على الأمر بابتداء النكاح،
(قوله): «قل له راجعها بصيغة الأمر» يقال: قوله: راجعها أمر للمخاطب فلا يصح من الآمر الأول، بخلاف ليراجعها فهو للغائب فيصح منه، فبين الصيغتين فرق[١].
(قوله): «مبلغا» لا آمراً.
(قوله): «ما ذكره» من قوله: لأنه صرح بالأمر من الشارع بالمراجعة، إلى قوله: ليس إلا.
(قوله): «مر بكذا» فالفهم لقرينة.
(قوله): «ولذا» أي: لكون عمراً مبلغاً.
(قوله): «فيفهم الندب» مع كونه مبلغاً أيضاً.
(١) آمنة بنت غفار. (من فتح الباري [والتصحيح منه]).
(٢) بل نسخة، وهو الأنسب.
[١] كلام المؤلف قويم يظهر بالتأمل فيما سبق من قوله: قل لعبدك افعل كذا؛ إذ المقصود الحكاية فتأمل، فلا فرق. (ح عن خط شيخه). وقد شكل بعضهم على هذا فليتأمل.