هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 511 - الجزء 2

  وهو أمر ندب، فالأمر بها مثله.

  احتج الجمهور بقوله: (لأن من قال: مر عبدك بكذا ثم قال للعبد: لا تفعل، غير متعد ولا مناقض) يعني لو كان الآمر بالأمر بالشيء آمراً بذلك الشيء لكان قول القائل لغيره: مر عبدك بأن يتجر في مالك مثلاً تعدياً، ولو قال بعد ذلك للعبد: لا تتجر في مال سيدك لكان مناقضاً، والتالي باطل⁣(⁣١) فيهما بالقطع والاتفاق، فالمقدم مثله.

  بيان الملازمة: أن أمر غلام الغير بأن يتجر في مال سيده من غير إجازة من السيد تعد وأنه بمنزلة قولك للعبد: أوجبت عليك طاعتي ولا تطعني، أو أنت مأمور بهذا ولست مأموراً به.

  (و) احتج الأقل⁣(⁣٢) بأنه (فهم) ذلك (من أمر الله رسوله) عليه الصلاة والسلام أن يأمرنا (و) من (أمر الملك وزيره) أن يأمر أهل مملكته.

  والجواب: منع كونه مفهوماً من مجرد الصيغة، بل إنما فهم (لقرينة التبليغ⁣(⁣٣))


(قوله): «تعدياً» وأجيب بأن التعدي إنما يحصل بعد بلوغ الأمر إلى العبد من غير سيده بغير رضاه، أما إذا كان السيد هو المتولي لتنفيذ الأمر فلا تعدي، فإن أريد من الترجمة⁣[⁣١] نفي المشافهة فمسلم، وهي أخص من الأمر؛ ولهذا يقال: أمرته مشافهة، وانتفاء الأخص لا يوجب انتفاء الأعم.


(١) ورد بمنع بطلان اللازمين، أما الثاني فظاهر في نحو: مروهم بالصلاة لسبع فإنه لو قال للصبيان: لا تصلوا لكان مناقضة وأي مناقضة، وأما الأول فلأن التعدي إنما يلزم على تقدير عدم رضا السيد، فمع توليه أمر العبد مختاراً تحقق الرضا وانتفى التعدي، ومع عدم بلوغ الأمر إلى العبد لم يتحقق الأمر، فإن أريد من الترجمة نفي المشافهة، فمسلم وهي أخص من الأمر، وانتفاء الأخص لا يوجب انتفاء الأعم. (من عصام المتورعين للجلال).

(٢) قال في تشنيف المسامع: والحق التفصيل، فإن كان للأول أن يأمر الثالث فالأمر للثاني بالأمر للثالث أمر للثالث، وإلا فلا. اهـ وهو كلام جيد، ويؤيده الحوالة بالدين فإنه يجب على من عليه الدين التسليم إلى المأمور بأمره يسلم إليه إذا علمه وحققه، والله أعلم. (من خط المتوكل على الله إسماعيل |).

(٣) عبارة المختصر: للعلم بأنه مبلغ.


[١] أي: ترجمة المسألة. (ح).