هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الأوامر]

صفحة 513 - الجزء 2

[ما هو الواجب إذا أمر بمطلق]

  مسألة: (إذا أمر بمطلق⁣(⁣١)) أي: بفعل غير معين نحو: اضرب من غير تعيين ضرب (فالمطلوب) الفعل⁣(⁣٢) الجزئي (الممكن) وجوده من المأمور في الخارج (المطابق للماهية⁣(⁣٣)) الكلية المشتركة بين الجزئيات، وهو الذي يعد فاعله ممتثلاً


(قوله): «الجزئي الممكن وجوده» لا المستحيل وجوده، كالضرب الذي لا يكون فيه حركة مثلاً، ذكره السعد.

(قوله): «المطابق للماهية» أي: الذي تصدق عليه الماهية ويخبر به عنها⁣[⁣١] صدق الكلي على جزئياته، كالبيع مثلا فإنه يصدق على كل⁣[⁣٢] فرد من أفراده.


(١) أي: غير معين لفعل مخصوص، نحو: بع من غير تعيين بيع؛ إذ لو عينه فلا نزاع فيه، فالمطلوب بذلك الأمر أي فرد فالبيع بثمن المثل مثلاً من الأفراد الجزئية الحقيقية؛ لأنها المتحققة في الأعيان، وأطلق لأن الجزئي إذا أطلق يتبادر منه الحقيقي. (شيخ لطف الله).

(٢) ثم أقول: قد صرح صاحب المفتاح في بحث التعريف باللام بأن الخلاف في أن اسم الجنس هل هو موضوع للطبيعة أو للفرد المنتشر فيما عدا المصادر الغير المنونة، وأما فيها فالإجماع على أنها للطبيعة من حيث هي، فما اختاره المصنف مخالف للإجماع، ويمكن دفعه بأن ما ذكره صاحب المفتاح في مدلول لفظ المصدر بحسب اللغة، ولعل ما ذكره المصنف كان مبنياً على أنه لما كان المطلوب هو الطبيعة لكنها ليست موجودة إلا في ضمن فرد ما فكأن المطلوب بالأمر هو فرد ما، فكون المطلوب هو الفرد كان مقتضى العقل لا مدلول اللفظ حتى ينافي ما نقله من الإجماع فتدبر. ثم أقول: لا يخفى أنه لو كان مراد المصنف ما ذكرنا - وهو أن المطلوب هو الطبيعة، لكن لما لم تكن الطبيعة موجودة إلا في ضمن فرد ما؛ إذ لا يمكن وجودها مجردة عن الأفراد وجب الإتيان بفرد ما - لم يتوجه ما ذكره الشارح عليه؛ إذ كلامه على هذا ليس مبنياً على عدم الفرق بين الماهية المأخوذة بصيغة الإطلاق والكلية وبين المأخوذة لا بشرط شيء، بل على أن الماهية في غير ضمن الفرد امتنع وجودها؛ إذ وجودها بهذا النحو لا يكون إلا بصيغة كلية. نعم، حينئذ لم يكن النزاع بينه وبين من يقول: المطلوب هو الطبيعة إلا لفظياً، فقوله: المطلوب مقيد أراد به ما هو المطلوب لا على ما عرفت، وقول القائل: المطلوب غير مقيد أراد به الأول، فتأمل. (ميرزاجان).

(٣) قال الشريف في التعريفات: اعلم أنا إذا قلنا: الحيوان مثلاً كلي فهناك أمور ثلاثة: الحيوان من حيث هو، ومفهوم الكلي، والحيوان من حيث إنه يعرض له الكلية، والمجموع المركب منهما، أي: من الحيوان والكلي. والتغاير بين هذه المفهومات ظاهر، فإن مفهوم الكلي ما لا يمنع نفس تصوره عن وقوع الشركة فيه، ومفهوم الحيوان: الجسم النامي الحساس المتحرك بالإرادة، فالأول يسمى كلياً طبيعياً؛ لأنه موجود في الطبيعة، أي: في الخارج. والثاني كلياً منطقياً؛ لأن المنطق إنما يبحث عنه. والثالث: كلياً عقلياً؛ لعدم تحققه إلا في العقل، والله أعلم.


[١] عبارة الشيخ لطف الله ويخبر عنه بها.

[٢] في المطبوع: على فرد. والمثبت من شرح الفصول.