هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الأوامر]

صفحة 520 - الجزء 2

  (قلنا⁣(⁣١):) قد بينا استحالة وجود الماهية، وطلب الشيء يتوقف على إمكانه؛ إما لأن (طلب المحال قبيح⁣(⁣٢)) وإما لأن طلب الشيء فرع تصوره، وتصوره فرع إمكانه.

  على أنا لا نسلم عدم استلزام المطلق للمقيد فيما نحن فيه؛ لأن من لوازم طلب الماهية طلب فرد منها؛ لاستحالة وجودها في الخارج من دون فرد بالإجماع.

[حكم الأمرين إن تعاقبا]

  مسألة: (الأمران إن تعاقبا⁣(⁣٣)) أي: وردا متعاقبين فإما أن يكونا⁣(⁣٤) بفعلين مختلفين أو بفعلين متماثلين:

  إن كان الأول فهما غيران اتفاقاً⁣(⁣٥)، وسواء أمكن الجمع بينهما كالصلاة والصوم، أو امتنع كالصلاة في مكانين⁣(⁣٦) أو الصلاة مع أداء الزكاة⁣(⁣٧).

  وإن كانا (بمتماثلين⁣(⁣٨)) فإما أن يكون بعطف أو لا، إن كان بعطف فسيأتي،

  وإن لم يكن بعطف فإما أن يمنع مانع من التكرار أو لا.

  إن كان الأول فإما أن يكون المانع هو التعريف في متعلق الثاني كأعط زيداً درهماً أعط زيداً الدرهم، فإن اللام ظاهرة في العهد، ولا معهود إلا ما تقدم في الأمر الأول، ولهذا حمل ابن عباس في قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٥ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٦}⁣[الشرح]، العسر الثاني على الأول حتى قال: «لن يغلب عسر يسرين».


(١) طلب وجود الماهية في الأعيان الجزئية طلب المحال، وطلب المحال قبيح، فيعلم قطعاً أنها غير مطلوبة، والقاطع لا يعارضه الظاهر. (شرح غاية لابن جحاف).

(٢) عند المعتزلة، أي: فدليلهم ظاهر ودليلنا قاطع، والظاهر لا يعارض القاطع. (شرح غاية لجحاف).

(٣) فإن تراخى أحدهما عن الآخر عمل بهما سواء تماثلا أو اختلفا بعطف أو بغير عطف. (تيسير شرح التحرير).

(٤) في نسخة: فإما أن يكون - أي التعاقب -.

(٥) وفي نسخة: بالاتفاق، فيعمل بهما جزماً نحو: اضرب زيداً وأعطه درهماً، أو غيره. (محلي).

(٦) في وقت، فإن الحصول فيهما فيه محال في العقل. (حاوي).

(٧) فالصدقة تمنع من إجزاء الصلاة شرعاً. (حاوي). إذا كان بفعل كثير.

(٨) أي فعلين من نوع واحد. (شرح تحرير).