هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 552 - الجزء 2

  وقوله: «بوضع واحد⁣(⁣١)» يدخل المشترك وما له حقيقة ومجاز، فإن لفظ «العيون» إذا أريد به المبصرة⁣(⁣٢) دون الفوارة والأسد إذا أريد به استغراق السبع دون الشجاع عام؛ لأن الشرط إنما هو شمول الأفراد الحاصلة مع وضع واحد، ومن اعتقد أن المشترك عند تجرده عن القرينة وماله حقيقة ومجاز عند قيام القرينة على إرادة الجميع من قسم العام لا يكون الحد عنده مع قوله: بوضع واحد جامعاً⁣(⁣٣).

  وهذا بحث قد وقع فيه الخلاف عند من يحمل المشترك وما له حقيقة ومجاز على جميع معانيهما إن لم يكن بينهما تناف، فالجويني والغزالي والآمدي وغيرهم جعلوهما من قسم العام؛ بناء على أن نسبة المشترك إلى معانيه كنسبة العام إلى أفراده، فكما أن العام عند التجرد يستفاد منه جميع الأفراد كذلك المشترك عند التجرد يستفاد منه جميع المعاني.


(قوله): «بناء على أن نسبة المشترك إلى معانيه ... إلخ» يعني أن لفظ المشترك اللفظي موضوع لها كما أن لفظ العام موضوع لها.

(قوله): «جميع الأفراد» لعله إنما قال في العام: جميع الأفراد وفي المشترك جميع المعاني لأن الأفراد كثيراً ما يراد بها الجزئيات، بخلاف المعاني⁣[⁣١]، أو يقال: هذا من التفنن في العبارة.


(١) ولولا هذا القيد لما صدق الحد على لفظ العين المتناول لجميع أفراد الباصرة مع أنه عام، وللزم في عمومه استغراقه لجميع أفراد معانيه المتعددة، وهذا معنى قول الإمام في المحصول: إن قولنا: بوضع واحد احتراز عن المشترك والذي له حقيقة ومجاز فإن عمومه لا يقتضي أن يتناول مفهوميه معاً، ومن ترك هذا القيد فكأنه نظر إلى أن ما يصلح⁣[⁣٢] له المشترك بحسب إطلاق واحد ليس هو جميع أفراد المفهومين، بل أفراد مفهوم واحد. (سعد الدين). وذلك لأن اللفظ مع القرينة غير صالح لما عدا المعنى الذي نصبت له القرينة.

(*) ويخرج المشترك إذا أريد به معنياه، فإنه مستغرق لما يصلح له لكن بوضعين لا بوضع واحد، فتناوله لهما ليس من العموم. (أبو زرعة).

(٢) يعني إذا استغرق جميع أفراد معنى واحد.

(٣) لأن المشترك يشمل الأفراد بوضعين أو أوضاع.


[١] الوجه ظاهر، وهو أن العام متحد المعنى فلا يصح في حقه جميع المعاني والله أعلم. (ح عن خط شيخه).

[٢] يعني فاكتفى عنه بقيد الصلاحية.