[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  وعمرو وبكر العالمون لا العالمان، وجاء زيد وعمرو العالمان لا العالمون، وهو مع أنه كلام على السند(١) مدفوع بما تقرر عندهم من أن الجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظ الجمع، فتعاطف المفردات بمنزلة الجمع وفي صورته، وتعاطف المفردين بمنزلة التثنية وفي صورتها.
  (أو لأنه) أي: استعمال صيغة الجمع لاثنين (مجاز فلا يطرد) في كل شيء؛ لما عرفت من أن المجاز لا يجب اطراده.
  (قيل: و) تصدق صيغة الجمع (في واحد(٢)) مجازاً أيضاً، وهو قول الجويني وأتباعه (لصحة) استعمالها فيه(٣) نحو قول القائل: («أتتبرجين للرجال» فيمن برزت لرجل) واحد لاستواء الواحد والجمع في حرمة التبرج له.
(قوله): «وهو» أي: هذا الاعتراض المشار إليه بقوله: لو روعيت.
(قوله): «مع أنه كلام على السند» أي: سند منع الملازمة، والكلام عليه غير متوجه إلا مع المساواة، ولم تتحقق.
(قوله): «مدفوع ... إلخ» حاصل الدفع عدم تسليم أن الاتحاد الصوري الذي هو الشرط منتف في المفردات المتعاطفة والمفردين المتعاطفين، بل هو حاصل، فلا يصح في المفردات العالمان ولا في المفردين العالمون.
(قوله): «فلا يطرد» أي: لا يطرد في رجلان عالمون.
(قوله): «أتتبرجين للرجال» لأن المفرد والجمع موضوعان لتحمل المقدار والجنس، فيراد بكل منهما كل واحد، بخلاف المثنى فإنه لا يستعمل في الجنس فلا يقال: أتتعرضين للرجلين لمن تعرضت لرجل واحد، ذكره بعض المحققين من شراح الفصول.
(١) الأخص؛ إذ عدم الجواز لا يلزم أن يكون معللاً بغير أنه مخالف لعرف اللغة، ولا يحتاج إلى أمر آخر يتمحل هاهنا ويسند إليه ذلك. (ميرزاجان).
(٢) في نسخة: في الواحد.
(٣) قال أبو زرعة في شرح الجمع ما لفظه: ومثل ذلك[١] بقول الزوج وهو يرى امرأته تتصدى لناظر لها: «تتبرجين للرجال» ولم ير إلا واحداً، فإن الأنفة من ذلك يستوي فيها الجمع والواحد. واعترض بأنه إنما أراد الجمع لظنه أنها لم تتبرج لهذا الواحد إلا وقد تبرجت لغيره. ومثله بعضهم بقوله تعالى حاكياً: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ}[النمل: ٣٥]، فإن المراد واحد وهو سليمان #، وكذلك قوله: {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ٣٥}[النمل: ]، والرسول واحد بدليل: {ارْجِعْ}[النمل: ٣٧]. اهـ ومثل قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ١٠٥}[الشعراء]، كما هو ظاهر كلام المفسرين.
[١] بتغيير الصيغة، أي: مثله القائل بالصحة.