هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في ذكر العام]

صفحة 590 - الجزء 2

  (قلنا:) ما ذكرتموه (ممنوع) إذ هو عين النزاع، فلا نسلم أنه يصدق أنه أخذ من أموالهم صدقة على ظاهره؛ إذ معناه بقضية العموم خذ من كل مال صدقة.

  (قيل) في الاحتجاج له ثانياً: (لو عم لوجب في كل فرد) واللازم باطل؛ أما الملازمة فللإجماع على أن كل درهم وكل دينار مال، وأما بطلان اللازم فللإجماع على أنه لا يجب أخذ الصدقة من كل فرد من أفراد المال، وإذا لم يجب لم يجب من كل نوع؛ إذ لا مقتضي له إلا فهم العموم من الخطاب.

  (قلنا) قضية العموم بحكم اللغة تقتضي ذلك، لكنه (لم يجب للعرف⁣(⁣١) والإجماع) يعني أن العرف والإجماع عارضا العام في بعض متناولاته التي هي الأفراد، ولا نسلم أن ذلك يستلزم المعارضة في البعض الآخر، وهو الأنواع، فيبقى العام حجة فيه.

  والتحقيق أن الجمع لتضعيف المفرد، والمفرد قد يراد به الواحد من الأفراد فيكون معنى الجمع المعرف باللام أو الإضافة جميع الأفراد، وقد يراد به الجنس فيكون معنى الجمع جميع الأنواع كالأموال والعلوم، والمعنى الأول أكثر استعمالاً من الثاني فيكون التعويل فيه على القرائن، وقد دل العرف وانعقد الإجماع على أن المراد في مثل: «خذ من أموالهم» الأنواع لا الأفراد.

[حكم الخطاب الوارد على سبب]

  مسألة في بيان حكم الخطاب الوارد على سبب سؤالاً كان أو غيره:

  وتفصيل الكلام فيما سببه السؤال: أن الجواب إما أن يكون مستقلاً⁣(⁣٢) بنفسه بحيث لو ابتدئ به كان كلاماً تاماً مفيداً أو غير⁣(⁣٣) مستقل.


(قوله): «أو غيره» كخبر الشاة.


(١) لو قال: لم يجب لدليل الخصوص لكان صواباً؛ إذ لا حقيقة عرفية في ذلك، بل قد دلت الآية على عموم الأفراد وخصصها أدلة اعتبار الأنصباء. (من خط قال فيه: اهـ شيخنا).

(٢) والمراد بالمستقل الوافي بالمقصود مع قطع النظر عن السبب. (تحرير).

(٣) وهو ما لا يكون كلاماً مفيداً بدون اعتبار السبب أو الحادثة، مثل: «نعم» فإنها مقررة لما سبق من كلام موجب أو منفي استفهاماً او خبراً، و «بلى» فإنها مختصة بإيجاب النفي السابق استفهاماً أو خبراً، فعلى هذا لا تصح بلى في جواب: كان لي عليك كذا، ولا تكون نعم في جواب: أليس لي عليك كذا إقراراً، إلا أن المعتبر في أحكام الشرع هو العرف حتى يقام كل واحد منهما مقام الآخر، فيكون إقراراً في جواب الإيجاب والنفي استفهاماً وخبراً. (تلويح).