هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 593 - الجزء 2

  مع كون السؤال خاصاً، فلا يتعدى محل التنصيص إلى غيره إلا بدليل خارج عن اللفظ كما مر، بل الخصوص هنا أولى منه هناك؛ لأنه عدل هنا بالجواب عن مطابقة سؤال السائل مع دعاء الحاجة إلى المطابقة، بخلافه هناك لتطابق السؤال والجواب.

  وإن كان الجواب أعم فحكمه العموم، وقد بينه بقوله: (ورود العام على سبب خاص لا يمنع عمومه⁣(⁣١)) عند الأكثرين، ونقل خلافه عن مالك والشافعي⁣(⁣٢) والمزني وأبي ثور.

  وسواء كان ذلك السبب سؤالاً أم لا. مثال الأول: حديث أبي داود⁣(⁣٣) والترمذي عن أبي سعيد الخدري: قيل: يا رسول الله، أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الْحِيَضُ والنتن ولحوم الكلاب؟ فقال: «إن الماء لا ينجسه⁣(⁣٤) شيء».

  ومثال الثاني: ما روى البيهقي عن ابن عباس وعائشة أن شاة لميمونة⁣(⁣٥) ماتت،


(قوله): «سؤالا أم لا» هذا التعميم لا يناسبه ما ذكره في صدر المسألة من أن الكلام فيما سببه السؤال⁣[⁣١].

(قوله): «أتتوضأ» هو بتاءين مثناتين خطاب لرسول الله ÷؛ بدليل ما رواه النسائي عن أبي سعيد قال: مررت بالنبي ÷ وهو يتوضأ من بئر بضاعة فقلت: أنتوضأ منها وهو يطرح فيها ما يكره من النتن؟ فقال: «الماء لا ينجسه شيء».


(١) فإن كانت هناك قرينة تقتضي التعميم فهو أجدر وأولى بالتعميم، كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ}⁣[المائدة: ٣٨]، فإن سببها سرق رجل رداء صفوان، فالإتيان بالسارقة معه قرينة دالة على التعميم. وقد تقوم قرينة على الاختصاص بالسبب، كالنهي عن قتل النساء والصبيان فإن سببه أنه عليه الصلاة والسلام رأى امرأة في بعض مغازيه مقتولة، وذلك يدل على اختصاصه بالحربيات [فلا يتناول مرتدة]. (من شرح أبي زرعة [والزيادة منه]).

(٢) على ما نقله الآمدي وابن الحاجب وغيرهما، وقال الأسنوي: نص الإمام في الأم على أن السبب لا يصنع شيئاً، إنما تصنعه الألفاظ. (شرح تحرير). والله أعلم.

(٣) وأحمد والنسائي، وقال أحمد: صحيح، وقال الترمذي: حسن، وفي بعض نسخه: حسن صحيح، وصححه أيضاً ابن معين وغيره، وهو يرد قول الدارقطني: إنه غير ثابت. (شرح ألفية البرماوي).

(٤) أي: مما ذكر وغيره، وقيل: مما ذكر وهو ساكت عن غيره. (شرح فصول للسيد صلاح ¦).

(٥) في صحيح مسلم عن ابن عباس عن ميمونة أنه مر ÷ بشاة لمولاة ميمونة ماتت فقال: «ألا أخذوا إهابها فدبغوه» الحديث، وقد ذكر البرماوي في شرح ألفيته في سياق كلام ما صورته: وهم القاضي تاج الدين السبكي في تخريج أحاديث البيضاوي في نسبة الشاة لميمونة، وإنما هي لمولاة ميمونة.


[١] ينظر. (من خط السيد عبدالله الوزير ح). وفي حاشية: فيه أن ما في صدر المسألة عام للسؤال وغيره، نعم وقع التعرض للتفصيل في نوع خاص، أعني ما سببه السؤال، وليس بقادح.