[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  احتج القائلون بالمذهب الثاني بما أشار إليه وإلى جوابه بقوله: (وفهم من نحو لا سلطان للبلد نفي الصفات المعتبرة عرفاً، ولا قياس فيه(١)) وتقريره: أنه إذا قيل: لا سلطان للبلد وبها سلطان فإنه يفهم منه نفي جميع الصفات المعتبرة فيه من السياسة والعدل ونفاذ الحكم وغيرها، فكذلك يكون حكم «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان».
  والجواب: أنه إنما فهم ذلك بحسب العرف، والقياس في العرف لا يصح؛ إذ قد يحصل العرف في عبارة دون عبارة، ولا جامع في مثله.
  (فإن تعين أحدها) أي: أحد المقتضيات (بدليل فكالملفوظ) إن عاماً فعام وإن خاصاً فخاص(٢)؛ إذ لا فرق بين الملفوظ والمقدر في إفادة المعنى.
  قيل: العموم من عوارض الألفاظ، والمقدر ليس بلفظ.
  ورد بمنع المقدمتين، أما الأولى فلأن العموم في الحقيقة(٣) إنما يعرض لمدلول اللفظ بأن يراد جميع أفراده، وأما الثانية فلأن المقدر لفظ حكماً.
(قوله): «ولا قياس فيه» أي: في العرف.
(قوله): «المعتبرة» احتراز من مثل الوجود والحياة ونحو ذلك مما ليس له اختصاص بالسلطنة.
(قوله): «ورد بمنع المقدمتين» أما منع الأولى فعلى ما ذكره الأكثر لا على ما استقربه المؤلف #[١].
(١) أي: وفهم نفي الصفات المعتبرة من هذا المثال للعرف، والعرف لا قياس فيه.
(٢) مثل في بعض الحواشي للعموم بقوله ÷: «رفع عن أمتي ... إلخ» فيقدر لفظ عام، وهو حكم الخطأ والنسيان ... إلخ. قال: ووجه عمومه أنه جنس مضاف، وأيضاً المضاف إليه جنس معرف فيكتسي العموم منه، كما لو قال: اشتر غلام الرجل ولا تشتر غلام المرأة. ومثل للخاص بقوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} وجعل في الفصول وشرحه للشيخ لطف الله مثال العام قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} قال: فتقدير الأهل متعين بدليل العقل، وهو من صيغ العموم، فيكون عاماً، أي: كل واحد من أهل القرية. ومقتضى الفصول وشرحه أيضاً أن الحديث المذكور من غير المتعين فتأمل.
(٣) كما أشار إليه المؤلف قدس سره فيما سبق، فعرف أن عروض العموم للألفاظ باعتبار معانيها في أول الباب، فالتحقيق أن العروض إنما هو باعتبار المعاني، فالكلام هنا مع التقييد بالحقيقة قويم لا ينافي ما سبق من أن عروض العموم للألفاظ متفق فيه، فلا معنى للحصر في عروضه للمعاني فهو غير وارد والله أعلم. (من خط مولانا مؤلف الغاية |).
[١] في أول بحث العموم بقوله: والأقرب أنه في اللغة للأمرين، قبيل مسألة: اختلف في الصيغ ... إلخ. (ح عن خط شيخه).