[فصل: في ذكر العام]
[الخطاب الخاص بالرسول ÷]
  مسألة: اختلف في عموم خطاب الرسول ÷ بمثل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ١}[المزمل]، {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر: ٦٥]، {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ}[الأحزاب: ١]، هل يعم الأمة أم لا؟
  فذهب الأكثرون من الأصوليين إلى أن (الخطاب الخاص بالرسول) كما مثلناه (لا يتناول الأمة) بعمومه، ولا يتناولهم إلا بدليل خارجي من قياس لهم عليه أو نص أو إجماع يوجب التشريك إما مطلقاً أو في ذلك الحكم خاصة.
  وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أنه يعمهم(١) إلا بدليل يدل على الفرق.
  احتج الأولون بقوله: (لأنه خطابُ مفرد(٢)) يعني أن كل من عرف اللسان يقطع بأن مثله وضع لخطاب المفرد(٣) لا يتناول غيره؛ ولذلك لا يكون أمر السيد لبعض
(قوله): «ولذلك لا يكون أمر السيد لبعض عبيده ... إلخ» قد يقال: لا سواء[١]؛ فإن الرسول مبلغ.
(١) في المطبوع: يعم.
(٢) في فصول البدائع: لهم أولاً أن مثله موضوع لخطاب المفرد. قلنا: غير محل النزاع؛ إذ لا نزاع في عدم وضعه له، وثانياً: لو عم لجاز إخراج غير المذكور تخصيصاً لعمومه، ولا قائل به. قلنا: قد يقع التخصيص في العام عرفاً، كإخراج غير الوطء من النظر وغيره من الاستمتاعات المرادة عرفاً في: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}[النساء: ٢٣].
(٣) لنا: أن مثله وضع لخطاب المفرد، وخطاب المفرد لا يتناول غيره لغة. اهـ وقد يقال: إن عدم التناول لغة لا ينافي العموم؛ لجواز أن يتناول خطاب المفرد الغير عرفاً فيما إذا كان المخاطب قدوة والغير أتباعاً وأشياعاً له. (قسطاس). ومثل معناه في العضد. قال صاحب جواهر التحقيق ما لفظه: ولقائل أن يقول: هذا الاعتراض إنما يرد على المصنف لو كان محل النزاع مجرد التناول، وأنه ممنوع، بل ليس النزاع إلا في التناول اللغوي كما يدل عليه ظاهر كلام المصنف حيث ذكر في الدليل الأول للمذهب المختار أن خطاب المفرد لا يتناول غيره لغة، وذكر في دليل الخصم أنه إذا قيل لمن له منصب الاقتداء: «اركب لمناجزة العدو» ونحوه فهم لغة أنه أمر لأتباعه معه، فعلم أن الخصم يدعي التناول اللغوي والفهم اللغوي، وإذا كان محل النزاع التناول اللغوي لا يرد الاعتراض المذكور على المصنف؛ لأن إثبات التناول العرفي بقرينة خارجية عرفية لا تنافي عدم التناول اللغوي =
[١] يقال: وإن ظهر عدم التسوية فلا يفيد في المقصود، وهو عموم اللفظ. (ح عن خط شيخه).