هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 621 - الجزء 2

  إنه كسر وفتح والمراد هو مع الأتباع؛ لأنهم الذين كسروا وفتحوا لا هو وحده.

  وتقرير الجواب: أن ذلك إنما فهم بقرينة، وهي كون الغرض من المناجزة والفتح ونحوهما موقوفاً على مشاركة أتباعه له، بخلاف هذه الصورة فإن قيام الرسول⁣(⁣١) ونحوه مما لا يتوقف على مشاركة الأمة له.

  واعلم أن الذي تقرر في أصول الحنفية أن أمر من له منصب الاقتداء⁣(⁣٢) إما أن يشتمل على قرينة العموم كالأمر بما يتوقف على معاونة الأتباع كفتح البلاد، ولا كلام في عمومه.

  وإما أن يشتمل على قرينة الخصوص كالأمر بالأمور السرية⁣(⁣٣)، ولا كلام في خصوصه.

  وإما أن لا يشتمل على شيء منهما كالأمر بالآداب ومحاسن الأخلاق، ومثل هذا لا نزاع في عمومه للأمة بدليل شرعي مشترك⁣(⁣٤) مطلق أو فيه⁣(⁣٥) خاصة، كقياس لهم عليه أو نص أو إجماع، ولا في عدم عمومه بحسب الوضع واللغة، وإنما النزاع في فهم العموم منه من جهة العرف.

  هذا كلامهم، ومنه يعلم أن تقرير هذه الشبهة وجوابها خارج عن محل النزاع.

  ولهم متمسكات أخر، منها: أن الأمر لمن له منصب الاقتداء بأمرٍ مَّا مفهم للأمر له ولأتباعه عرفاً ولو لم يكن المتخاطبان به من المتشرعة.


(قوله): «أو فيه» أي: في خصوص الحكم المستفاد من الأمر بالآداب. وقوله: كقياس لهم عليه بيان للدليل [وقوله:] ولا في عدم عمومه عطف على لا نزاع في عمومه.

(قوله): «أن تقرير هذه الشبهة وجوابها خارج عن محل النزاع» لأن الشبهة مبنية على أن العموم فهم من القرينة وهي الاتباع، ولا نزاع فيه، وجوابها مبني على أنه ليس بوضع الصيغة لذلك لغة، ولا نزاع فيه.


(١) في: {قُمِ اللَّيْلَ}⁣[المزمل: ٢].

(٢) يعني أنه يقتدي به طائفة كالأمير لجنده وأتباعه. (عضد).

(٣) وفي نسخة: بأمور السرية، وفي فصول البدائع مثل ما في الكتاب.

(٤) يعني الدليل بين ذلك الحكم وبين غيره من سائر الأحكام.

(٥) عطف على مشترك، والضمير لمثل هذا، أي: ودليل ثابت فيه خاصة، يعني لا مشترك مطلق.