[فصل: في ذكر العام]
  حكمه ثابت عليهم (لدليل) آخر كائن (من خارج) خطاب المشافهة كما سبق؛ جمعاً بين دليلنا الدال على عدم(١) دخولهم في الخطاب وهذا الدليل الدال على المشاركة.
  وفيه: أن سياق القصص على ما نقلت يدل على أن احتجاجهم كان بنفس هذه العمومات وأنها تتناولهم، والجمع ممكن باعتبار التغليب(٢) وعدمه كما سبق.
  قال بعض العلماء: الخلاف في عموم خطاب المشافهة قليل الفائدة فلا ينبغي أن يكون فيه خلاف عند التحقيق؛ لأن اللغة تقتضي أن لا يتناول غير المشافه بالخطاب، والقطع بأن الحكم شامل لغيره لما علم من عموم الشريعة.
[حكم العام بعد تخصيصه]
  مسألة: اختلف في العام(٣) إذا خص هل هو مجاز في الباقي أو حقيقة على مذاهب كثيرة:
  والمختار الذي عليه جمهور أئمتنا $ وكثير من المعتزلة والشافعية والعراقيين من الحنفية(٤) واختاره ابن الحاجب: أن (العام المخصص مجاز في الباقي) على
(قوله): «العام المخصص مجاز في الباقي» أورد المؤلف # هذه المسألة والتي بعدها في باب العموم كما فعل صاحب الفصول وابن الحاجب، وأما صاحب جمع الجوامع فذكرهما في باب الخصوص، وهو القياس.
(١) ومما يحقق المرجح في المسألة - وهو أن الخطاب مقصور لغة على المشافهين - الاتفاق على أنه لو قال لمن حضر من زوجاته: «يا نسائي أنتن طوالق» لا يقع على من لم يواجهه بالخطاب من بقية زوجاته ولو كان في المجلس. ويعرف تمييز من خوطب من غيره بالقرائن. (شرح ألفية البرماوي).
(٢) قال البرماوي في شرح ألفيته ما لفظه: قال ابن دقيق العيد: من خصه - أي: مثل «يا أيها الناس» - بالمخاطبين فينبغي أن يعتبر فيه أحوالهم، حتى لا يدخل في خطابهم من ليس بصفتهم إلا بدليل من خارج، وهذا غير الاختصاص بأعيانهم، وهو أعلى مرتبة منه؛ لأن اعتبار الأعيان في الأحكام عليه أدلة كثيرة، ويحتمل ألا يعتبر أحوالهم وصفاتهم إلا لاعتبار مناسبة أو غيرها، والأليق بالمخصص الأول، وقال في شرح العنوان: الخلاف في عموم خطاب المشافهة ... إلخ.
(*) قال سعد الدين: اعلم أن القول بعموم النصوص لمن بعد الموجودين وإن نسب إلى الحنابلة فليس ببعيد، حتى قال الشارح العلامة: ذكر في الكتب المشهورة أن الحق أن العموم معلوم بالضرورة من دين محمد، وهو قريب.
(٣) والثمرة صحة الاستدلال بعمومه. (فصول بدائع).
(٤) كصاحب البديع وصدر الشريعة. (شرح تحرير).