[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  وهو اختيار القاضي عبدالجبار من المعتزلة(١).
  (وقيل:) إنه حقيقة فيه (إن كان) المخصص (لفظاً) متصلاً كان أو منفصلاً، وإلا فمجاز.
  (وقيل:) إنه حقيقة (في التناول) لما بقي بعد التخصيص (لا) في (الاقتصار) عليه(٢)، دون ما خرج بالتخصيص فإنه فيه مجاز، وهو مذهب الجويني.
  (وقيل: كذلك) يعني حقيقة في التناول لا في الاقتصار (في) التخصيص بالدليل (المستقل) أما إذا كان التخصيص بمتصل فإنه فيه حقيقة، وهو مذهب الشيخ الحسن الرصاص وحفيده، وفي كلام أبي الحسين البصري إشارة إليه حيث قال في جوابه على حجة ابن أبان(٣) في المسألة التي بعد هذه: الجواب أنه إن أراد العموم صار مجازاً من حيث لم يرد به بعض ما يتناوله(٤) فذلك صحيح، ولا يمنع من التعلق به فيما عدا المخصوص؛ لأنه متناول له على جهة الحقيقة، وإن أراد أنه مجاز فيما عدا المخصوص فليس بصحيح؛ لأنه متناول له في أصل الوضع(٥).
  فهذه تسعة أقوال، والقول العاشر: أنه حقيقة في الباقي إن كان سابقاً(٦) إلى فهم
(قوله): «حيث قال في جوابه ... إلخ» في الإشارة من جوابه إلى كون التخصيص بدليل مستقل خفاء، وأيضاً مذهب ابن أبان أن العام بعد التخصيص مطلقا مجمل، فالرد عليه لا يشعر بالتفصيل.
(١) هذا خلاف ما اختاره في عمد الأدلة حيث قال: والصحيح أنه يصير مجازاً بأي شيء خصص؛ لأنه استعمال اللفظ في غير ما وضع له لقرينة اتصلت أو انفصلت استقلت أم لا. (سعد).
(٢) أي: على ما بقي، وقوله: «فإنه فيه» أي: في الاقتصار.
(٣) ابن أبان يقول بأن العام مجمل مع التخصيص مطلقاً، فالرد عليه لا يشعر بالتفصيل بين المستقل وغيره كما أخذه المؤلف # لأبي الحسين من الرد.
(٤) وهو معنى أنه مجاز في الاقتصار.
(٥) الظاهر من كلام أبي الحسين عدم التعرض لكون التخصيص بدليل مستقل، ففي القول بأن في كلامه إشارة إلى خصوص هذا المذهب خفاء لا يخفى.
(٦) لا المخرج فغير سابق، كما لو قيل: الخارج من السبيلين ناقض إلا الحصى؛ لأن السابق إلى الفهم من الخارج إنما هو الأذى، وكما لو قيل: الثني يجزي في الأضحية إلا المعيب، فإن السابق إلى الفهم هو السائم ... (نظام الفصول للجلال).
(*) دون المخرج فلا يسبق إلى الفهم كما إذا قيل: اقتلوا المشركين، فإن السابق إلى الفهم من المشركين هو من يجعل مع الله شريكاً، فإذا خص أهل الكتاب كان حقيقة في الباقي. قوله: «وإلا فمجاز» أي: إن لم يسبق إلى الفهم الباقي وحده بل يسبق هو والمخصوص كان في الباقي مجازاً، كما إذا قيل: «لا تقتلوا أهل الكتاب» ثم خص اليهود فإنه يكون في الباقي مجازاً؛ لسبق الباقي والمخصوص إلى الفهم عند إطلاق لفظ العام.