هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 644 - الجزء 2

  السامع عند إطلاق العام مع التخصيص، وإلا فمجاز، وهو اختيار الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة #، قال في صفوة الاختيار: وذلك مثل قوله تعالى: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}⁣[التوبة: ٥]، فإنه يسبق إلى الفهم عند إطلاقه وجوب قتل المشرك على أي حال وجدناه وإن كان قد خص منه أهل الذمة والمستجير ومن لم تبلغه الدعوة.

  وكقوله ÷: «فيما سقت السماء العشر» وغير ذلك من الظواهر التي يطول تعدادها الواجب الرجوع إليها مع التخصيص، فما فهم المراد من ظاهره فهو حقيقة فيما يتناوله، وما لم يفهم إلا بقرينة فهو مجاز، كما لو قال: لا تقتلوا أهل الكتاب، ثم خص اليهود من ذلك وأمر بقتلهم فإنه مجاز؛ لأنه خرج من العموم ما يسبق إلى الفهم دخوله تحت العموم.

  الحادي عشر: أنه حقيقة إن خص باستثناء، وإلا فمجاز، وهو لبعض الشافعية.

  الثاني عشر: أنه حقيقة في الباقي إن كان جمعاً، وإلا فمجاز، وهو منقول عن بعض أصحاب أبي حنيفة.

  الثالث عشر: أنه حقيقة في الباقي إذا كان الإخراج بغير المستقل أو بالمستقل المتراخي مطلقاً؛ إذ لا تخصيص⁣(⁣١) فيهما، وأما إذا كان بالمستقل⁣(⁣٢) المقارن فهو


(قوله): «الواجب الرجوع إليها» صفة للظواهر. وقوله: «أو بالمستقل المتراخي مطلقاً» في التناول والاقتصار.

(قوله): «إذ لا تخصيص فيهما» لأن الثاني نسخ، والأول عنده غير مراد.


(١) قال في فصول البدائع في أول بحث تعريف التخصيص ما لفظه: لأنه - أي: التخصيص - إن كان بغير مستقل أي: بكلام يتعلق بصدره، وهو خمسة: الاستثناء والشرط والصفة والغاية والبدل - فليس تخصيصاً، بل بيان تعبير أو تفسير أو تقرير؛ لأن الحكم لا يتم إلا بآخر الكلام، وما لم يتم لا يحكم باستيفاء مقتضياته عموماً وخصوصاً في حقه، وإن كان بالمستقل فإن لم يتصل فهو نسخ وبيان تبديل؛ لأن حكمه قد تقرر، والرفع بعد التقرير نسخ. اهـ المراد نقله لبيان قوله: «إذ لا تخصيص».

(٢) قال في فصول البدائع: وأما في المقارن فمن حيث التناول؛ ولذا أوجب العمل وإن كان من حيث قصوره عن سائر الأفراد مجازاً بطريق إطلاق اسم الكل على الجزء؛ لأن كلاً من الأفراد جزء للعام من حيث العموم وإن كان جزئياً من حيث ماهيته، وهو كمذهب إمام الحرمين | لولا شموله غير المستقل والمستقل المتراخي عنده، والحق أن غير المستقل دافع؛ لأن تمام الحكم بقيوده، والمستقل المتراخي رافع لتمام الحكم قبله؛ لاستقلاله وتقرر تماميته بماهيته للفصل، والمستقل المتصل أعني التخصيص له شبههما.