هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 648 - الجزء 2

  ومثلهما الغاية كما ذكره في الفصول (يخرج الأحوال، وهو) أي: الاستثناء⁣(⁣١) يخرج (الأعيان، فافترقا) بيان ذلك: أنك إذا قلت: «أكرم بني تميم إن كانوا دخلوا، أو الكائنين في الدار، أو إلى أن يخرجوا منها» فإنها لا تتبعض تلك الأعيان، وإنما أخرجت هذه العبارات أحوالاً لا أعياناً، بخلاف ما إذا استثنيت الآحاد، فيكون ما أخرج الأحوال باقياً⁣(⁣٢) على الحقيقة، وما أخرج الأعيان غير باق فيكون مجازاً.

  (قلنا: مخرج الأحوال مخرج الأعيان⁣(⁣٣)) فيكون في الجميع مجازاً.

  بيان ذلك: أنك إذا قلت: «أكرم بني تميم إن كانوا دخلوا الدار» فقد أخرجت الأعيان الذين لم يدخلوا الدار، على أن الشرط والصفة قد يتناولان الأعيان؛ لأنك إذا قلت: «أكرم بني تميم إذا كانوا من بني سعد أو الكائنين من بني سعد» فقد أخرجت غيرهم من الأشخاص، هكذا صحح تقرير مذهب القاضي عبدالجبار وحجته في المعتمد وغيره.

  وقد ظن ابن الحاجب - ولم يصب في ظنه - أن إخراجه الاستثناء ليس لكونه مجازاً في الباقي معه، بل لكون الاستثناء عنده ليس بتخصيص، وتبعه في هذا الظن الإمام المهدي # في المنهاج، ونص القاضي يدل على أن الاستثناء عنده تخصيص، قال في عمد الأدلة: باب في ذكر جمل الأدلة التي يعرف بها خصوص العام: اعلم أن


(قوله): «ليس لكونه مجازاً في الباقي معه» أي: مع الاستثناء.


(١) والغاية في معناه، فمعنى: «أكرم القوم إلا أن يخرجوا»: أكرمهم في جميع الأوقات إلا وقت خروجهم. (فصول بدائع [وتصحيح اللفظ منه]).

(٢) لعل هنا سقطاً من الناسخ، والأصل هكذا: فيكون العام مع ما أخرج الأحوال باقياً على الحقيقة، ومع ما أخرج ... إلخ. (من خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).

(٣) فلو قيل: «في الغنم السائمة زكاة، في الغنم إن سيمت زكاة» لم يخرج بذلك منها إلا حالة العلف، فلفظ الغنم باق على عمومه لم يخرج منه إلا حالة من أحواله، والأعيان باقية، بخلاف ما لو قيل: «في الغنم زكاة إلا المعلوفة» فالمعنى: إخراج بعض أعيان الغنم المتصفة بالعلف؛ لأن الاستثناء لإخراج الأعيان فافترقا. قلنا: إخراج الأحوال دون الأعيان لا يتصور، والأحوال صفة والأعيان موصوفة، وإخراج الصفة وحدها محال؛ إذ لا بد لها من محل تقوم به، فلا تخرج إلا بمحلها، فمخرج الأحوال هو بعينه مخرج الأعيان، فلا فرق، فاللفظ غير باق على عمومه مطلقاً، فيكون مجازاً في الكل. (شرح ابن جحاف).