هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 650 - الجزء 2

  (قلنا:) لا نسلم أن العام كتكرير الآحاد، بل هو ظاهر في جميع الأفراد الداخلة تحته، فإذا أخرج عنه واحد خرج عن وضعه الأول قطعاً، بخلاف المتكرر فإنه نص في مدلوله قليلاً كان أو كثيراً، وإنما قيل: إنه (مثلها) أي: مثل تكرير الآحاد تبييناً (لحكمة وضعه⁣(⁣١) لا) أن المقصود من ذلك (تماثل الأحكام) من جميع الوجوه؛ للقطع بانتفاء التماثل في بعضها كما بيناه⁣(⁣٢).

  (وأيضاً يمتنع كون الكلمة بحسب وضع واحد حقيقة ومجازاً باعتبارين⁣(⁣٣)) وما ذكر في بعض شروح المفتاح من تجويز ذلك لا صحة له، وتنظيره بلفظ الدابة إذا أطلقت على الفرس باعتبار مجرد أنه يدب على الأرض يكون حقيقة لغة وباعتبار خصوصية الفرس⁣(⁣٤) والدبيب جميعاً يكون مجازاً لغة منظور فيه؛ لأن لفظ الدابة إنما يكون حقيقة لغة إذا استعمل في المعنى العام، وإنما يكون مجازاً إذا استعمل في خصوص المقيد، فالمعنى الحقيقي والمعنى المجازي مختلفان لا متحدان، كذا حققه العلامة السمرقندي.


(قوله): «بحسب وضع واحد» يعني فقط، أو عرفا فقط ونحو ذلك.

(قوله): «وتنظيره» أي: تمثيله، مبتدأ، خبره منظور فيه.

(قوله): «في المعنى العام» أي: مفهوم الدابة ومدلولها العام.

(قوله): «في خصوص المقيد» وهو الدبيب المقيد بكونه في الفرس.


(١) وهي الدلالة على ما الآحاد دالة عليه مع الاختصار. (من شرح جحاف على الغاية).

(٢) من النصية في المتكرر والظهور في العام.

(*) من أن العام ظاهر في الجميع، فإذا أخرج بعض خرج عما هو ظاهر فيه قطعاً فيكون مجازاً، والمتكرر استعمل كل واحد في واحد نصاً، فإذا أخرج بعض عن الإرادة فلم يؤت بلفظ يدل عليه بقي الباقي ناصاً فيما يتناوله لم يتغير أصلاً عن وضعه فكان حقيقة، وأيضاً فالحقيقة والمجاز صفتان للفظ، والتناول والاقتصار ليسا بلفظ فلا يتصفان بحقيقة ولا مجاز. (من شرح الغاية لابن جحاف).

(٣) حقيقة في التناول مجاز في الاقتصار.

(*) على أنه نقل اتفاق نفيه، أي: الاتفاق على نفي كون اللفظ حقيقة ومجازاً في استعمال واحد، وإنما اختلفوا في صحة إرادة المعنى الحقيقي والمجازي معاً في استعمال واحد ثم يكون حقيقة أو مجازاً. (تحرير وشرحه).

(٤) في نسخة: الفرسية.