هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 655 - الجزء 2

  من دون بيان فإنه لا يكون حجة، مثل قوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} فإنا لو تركنا وظاهره لم يمكنا امتثال ما أريد منا من الصلاة الشرعية قبل تخصيصه بالحائض؛ لافتقاره قبل إخراجها إلى بيان⁣(⁣١) الصلاة الشرعية وكذلك بعد إخراجها، وهذا اختيار القاضي عبدالجبار من المعتزلة، وكلام أبي طالب يومئ إليه.

  (وقيل: إن أنبأ⁣(⁣٢)) لفظ العموم (عن الباقي) فهو حجة فيه، وإلا فلا، بمعنى أن التخصيص إن لم يمنع من تعليق الحكم في الباقي بالاسم العام فهو حجة فيه، وإن منع من تعليق الحكم فيه بالاسم العام وأوجب تعليقه بأمر لا ينبئ عنه الظاهر لم يجز التعليق⁣(⁣٣) به، وهذا مذهب الشيخ أبي عبدالله البصري.


(قوله): «مثل أقيموا الصلاة» هكذا في الفصول، واعترض الشيخ | تمثيله العام المحتاج إلى بيان قبل التخصيص بأقيموا الصلاة؛ لأن المحتاج إلى البيان إنما هو الصلاة، والعام المخصص بالحائض إنما هو الفاعل في «أقيموا».


(١) واعلم أنهم إن أرادوا بالبيان المفتقر إليه بيان مفهوم الصلاة الكلي فهو مفهوم متحد لا علم للمخاطب به فلا عموم؛ لأن العموم فرع الدلالة؛ ولهذا قيل في رسمه: ما دل على مسميات. وإن أرادوا بيان الشروط المعتبرة من صفات نحو الصلاة وأحوالها فذلك قول أبي عبدالله⁣[⁣١]، على أن في التمثيل بتخصيص الحائض وهماً فاحشاً؛ لأن ذلك من تخصيص عموم الفاعل الذي لا إجمال فيه لا من تخصيص عموم الصلاة. (نظام فصول للجلال).

(*) وقال الجلال أيضاً في شرح المختصر: لكن هذا خبط غفل عنه أفاضل الشراح؛ لأن العموم المخصص بالحائض إنما هو عموم ضمير المخاطبين، وهو غير محتاج إلى البيان، وليس المخرج من العموم هو صلاتها، ولو سلم فصلاتها إنما أخرجت بعد بيان الصلاة.

(٢) عبارة العضد هكذا: إن كان لفظ العموم منبئاً عنه - أي: عما بقي - قبل التخصيص فحجة، وإلا فلا، مثاله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}⁣[التوبة: ٥]، فإنه ينبئ عن الحربي إنباءه عن الذمي، بخلاف {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا}⁣[المائدة: ٣٨] فإنه لا ينبئ عن كون المال نصاب السرقة، وهو الربع من دينار ومخرجاً من حرز، فإذا بطل العمل به في صورة انتفائهما لم يعمل به في صورة وجودهما. اهـ قوله: «ومخرجاً عن حرز» قال السعد: ولا ينتقل الذهن إلى ذلك ما لم يبينه الشارع على التفصيل.

(٣) في نسخة: التعلق.


[١] وهو إن أنبأ عن الباقي فحجة وإلا فلا.