[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  ومثل الأول بقول الله ø: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ٥]؛ لأن قيام الدلالة على المنع من قتل معطي الجزية لا يمنع من تعليق القتل(١) بالشرك.
  ومثل الثاني بقول الله ø: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨]؛ لأن قيام الدلالة على اعتبار الحرز ومقدار المسروق يمنع من تعليق القطع بالسرقة(٢) ويقتضي وقوفه على الحرز والقدر، وذلك أمر لا ينبئ عنه اللفظ(٣).
  هذه المذاهب المشهورة في هذه المسألة، وقد حكى الغزالي في المنخول(٤) عن أبي هاشم قولاً آخر وهو أنه يتمسك به في واحد ولا يتمسك به في جمع.
  (لنا) في أنه حجة فيما بقي دليلان: الأول: (الإجماع) من الصدر الأول، وهو استدلال الصحابة مع التخصيص، وتكرر وشاع ولم ينكر فكان إجماعاً.
  من ذلك احتجاج فاطمة @ على أبي بكر في ميراثها بعموم قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ...} الآية [النساء: ١١]، مع أنه مخصص بالكافر والقاتل، ولم ينكر أحد من الصحابة احتجاجها مع ظهوره وشهرته، بل عدل أبو بكر في حرمانها إلى الاحتجاج بقوله عليه الصلاة والسلام: «نحن معاشر الأنبياء لا نُوْرَث ما تركناه صدقة».
  ومنه: احتجاج عمر على أبي بكر في قصة قتال مانعي الزكاة بالحديث
(١) في نسخة: بالمشرك.
(*) بناء على أن الحربي أظهر مدلولات المشرك، ذكره الجلال في شرح الفصول.
(٢) في الفرق بين الاثنين نظر؛ فإنه فيهما بمثابة التفسير، فإن: «اقتلوا المشركين إلا أهل الذمة» في قوة: «اقتلوا المشركين الحربيين»، و «السارق والسارقة» أي: للنصاب ونحوه. (إملا). وفيه نظر يظهر بتأمل كلام السعد والعضد.
(٣) لأن العام الذي هو لفظ السارق مطلق، والباقي السارق للنصاب من حرز، فهو مقيد، والمطلق لا يدل على المقيد قبل التخصيص ولا بعده فلا يكون حجة، والمخرج مطلق؛ فلذلك دل عليه ولم يدل على الباقي.
(٤) بالخاء المعجمة تشبيهاً بالمغربل. (شيخ لطف الله |).