هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 657 - الجزء 2

  المتقدم⁣(⁣١)، وغير ذلك كثير [لا ينكر]⁣(⁣٢)، على أنه لا يكاد يوجد في أدلة الأحكام عموم غير مخصوص، فإبطال حجية العام المخصوص إبطال لحجية كل عام.

  (و) الثاني: وقوع (القطع⁣(⁣٣) بأنه إذا قيل: «أكرم بني تميم و) قيل: ثانياً بكلام منفصل (لا تكرم زيداً) وهو منهم (فترك) إكرام سائر بني تميم (عد عاصياً) ولولا أنه ظاهر فيما عدا صورة التخصيص وحجة فيه لما عد عاصياً بالترك.

  وايضاً العام قبل التخصيص كان حجة في كل واحد من أقسامه إجماعاً، والأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يوجد معارض، والأصل عدمه، فمن ادعاه يحتاج الدليل، وعدم الحكم في بعض الأفراد لا يصلح معارضاً؛ لأن عدم الحكم في فرد لا ينافي ثبوته في الآخر⁣(⁣٤).

  احتج (الأولان) وهما القائل بأنه لا يكون حجة أصلاً، والقائل بأنه يبقى حجة في أقل الجمع - أما الأول فبأن حقيقته⁣(⁣٥) العموم، وذلك غير مراد، وسائر ما تحته


(١) وهو: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله» مع أنه مخصص بقوله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي}⁣[الحجرات: ٩].

(٢) ما بين المعقوفين زيادة في المطبوع فقط.

(٣) قال في فصول البدائع: إن الدليل الأول وهو الإجماع والثالث هنا وهو قوله: وأيضاً العام ... إلخ ينتهضان على الكل، وأما هذا - وهو قوله: القطع بأنه إذا قيل ... إلخ - فعلى غير البصري وعبدالجبار.

(*) قال الجلال في نظام الفصول بعد كلام ذكره: وبعد هذا تعلم أن الاستدلال بالقطع بأنه إذا قيل: «أكرم بني تميم ولا تكرم منهم زيداً» عد عاصياً، محل استفسار؛ بأن يقال: إن أردت أنه يعصي إذا لم يكرم جمعاً منهم فمسلم وليس بمطلوبك؛ لأن المأمور بمطلق يعصي إذا لم يفعل منه واحداً، وإن أردت أنه يعصي إذا لم يكرم كل واحد منهم فممنوع، وهو مصادرة؛ لأنه أول المسألة. وقال أيضاً في شرح المختصر: إن القطع إذا قيل: أكرم ... إلخ ممنوع؛ لأن دلالة العموم ظنية قبل التخصيص، فما ظنك بها بعده؟ وإنما القطع بالعصيان من حيث إنه يترك إكرام جمع منهم، لكن العصيان حينئذ بترك فعل المطلق لا بترك إكرام الجميع كما هو المدعى. اهـ باختصار.

(٤) في المطبوع: في آخر.

(٥) أي: العام المخصص بمبين، وذلك أي: العموم غير مراد.