هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 672 - الجزء 2

  وأما قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ} فالناس للمعهود، والمعهود ليس بعام، وجاز إطلاق الناس على نعيم وحده لأنه من جنس الناس وكلامه كلامهم⁣(⁣١)، والاستثناء مستثنى⁣(⁣٢) عن الكلية المدعاة، وكل واحد من الماء والخبز في المثالين ليس بعام، والتعريف فيهما إنما هو للعهد⁣(⁣٣) الذهني كما في: «ادخل السوق».

  وأما احتجاج الثالث⁣(⁣٤) بأن استعمال العام في غير الاستغراق استعمال له في غير ما وضع له، فليس جواز استعماله في البعض⁣(⁣٥) أولى منه في البعض الآخر - فجوابه: أنه قد تقرر أن المجاز لا يجب⁣(⁣٦) اطراده، فإذا ثبت استعماله في بعض المعاني المجازية لم يجب استعماله في البعض الآخر وإن وجدت العلاقة، كما جاء


(قوله): «وجاز إطلاق الناس على نعيم ... إلخ» قصد المؤلف # بهذا دفع ما ذكره في الحواشي من أنه يبقي البحث في صحة إطلاق الناس المعهود على واحد.

«فائدة»: قال في شرح الجمع: لم يتعرض المتقدمون للفرق بين العام المخصوص والعام الذي أريد به المخصوص، وهو مهم، والفرق بينهما أن العام المخصوص أريد به عمومه وشموله لجميع الأفراد من جهة تناول اللفظ لها لا من جهة الحكم، والذي أريد به الخصوص لم يرد به شموله لجميع الأفراد لا من جهة التناول ولا من جهة الحكم، بل هو كلي استعمل في جزئي؛ ولهذا كان مجازاً قطعاً؛ لنقل اللفظ من موضعه الأصلي، بخلاف العام المخصوص فإن فيه خلافا.

(قوله): «عن الكلية المدعاة» أعني به أنه لا بد من بقاء قدر غير محصور⁣[⁣١].

(قوله): «وأما احتجاج الثالث» أي: القائل بهذا المذهب الثالث، ولعل وجه فصل المؤلف # لهذه الحجة عما تقدم من الحجج بقوله: وأما احتجاج الثالث بعدم مشاركة هذه لتلك في الجواب المتقدم.


(١) وأجيب أيضاً أنه إنما أطلق لفظ الناس على نعيم لأنه لم يخل من ناس من أهل المدينة يضامونه ويصلون جناح كلامه، وكذلك المراد بالثاني أبو سفيان وأصحابه. (شرح فصول).

(٢) يعني في قوله: أكرم الناس إلا الجهال والعالم واحد مستثنى عن الكلية المدعاة، وهي قولنا: لا يجوز تخصيص العام إلى واحد. وعبارة العضد: والجواب أن عموم قولنا: لا يجوز تخصيص العام إلى الواحد مخصوص بالاستثناء ونحوه أعني بدل البعض، فإنا قد استثنيناهما عن الكلية المدعاة فلا يمكن الإلزام بهما والفرق قائم.

(٣) فهو كالمعهود الخارجي سواء في أن كلاً منهما ليس بعام. (شرح ابن جحاف).

(٤) القياس: وأما احتجاجه؛ إذ قد قال: وما احتج به الثالث.

(٥) يعني الغير المحصور أولى منه في البعض الآخر، وهو واحد.

(٦) حاصله أن التخصيص إلى حد يكون الباقي غير محصور صير العام مجازاً في الباقي، فليكن التخصيص إلى حد يكون الباقي واحداً كذلك، فأجاب بقوله: إن المجاز ... إلخ. (شيخ لطف الله).


[١] الكلية المدعاة هي أنه يجوز التخصيص بغير الاستثناء ... إلخ، ولعله خفي على المحشي.