هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 706 - الجزء 2

  يكون الاستثناء، (وإلا فللجميع) وهذا مذهب القاضي عبدالجبار وأبي الحسين البصري، وقال ابن برهان: إنه مذهب الشافعي.

  ويظهر الإضراب في مسائل: منها: أن تختلف الجملتان نوعاً⁣(⁣١) وقصة نحو: «اضرب بني تميم والفقهاء هم أصحاب أبي حنيفة إلا أهل البلد الفلاني»، فإن الاستثناء يرجع إلى ما يليه؛ إذ لا شيء أدل على استيفاء الغرض بالكلام من العدول عنه إلى قصة أخرى ونوع آخر، وفي رجوع الاستثناء إليه⁣(⁣٢) نقض للقول بأن المتكلم قد استوفى غرضه منه.

  ومنها: أن يتحدا نوعاً ويختلفا اسماً⁣(⁣٣) وحكماً، نحو: «اضرب بني تميم وأكرم ربيعة إلا الطوال»، فإن استقلال⁣(⁣٤) كل واحد من الكلامين ومباينته للآخر مفيد للإضراب.


(قوله): «أن تختلف الجملتان نوعا وقصة» لعل قوله: وقصة يدخل فيها الاختلاف في الحكم والاسم كما هو مقتضى المثال، فيكون قد حصل الاختلاف في النوع والاسم والحكم.


(١) يعني إنشاءً وخبراً. اهـ في حاشية ما لفظه: اختلاف الجملتين خبراً وإنشاء لفظاً ومعنى أو معنى فقط يوجب حذف الواو لكمال الانقطاع، فينظر في هذا المثال. (من خط السيد عبدالقادر بن أحمد).

(*) أقول: هذا ليس من محل النزاع؛ لأن ذلك في الجمل المعطوفة بالواو، وليست الواو عاطفة، بل للاستئناف، وإلا لزم عطف الخبر على الإنشاء، فلا كلام في كون الاستثناء عائداً إلى الأخيرة لا غير، وقد صرح بذلك نجم الأئمة في باب الاستثناء فراجعه، والله أعلم. (من خط السيد عبدالله بن حسين جحاف |). كذا نقل من خط السيد عبدالله بن علي الوزير | وكتب عليه: لم يرد المصنف أنه من محل النزاع حتى يتوجه عليه الاعتراض، بل أراد أن يفصل صور الإضراب، والشافعي موافق في عدم عود الاستثناء إلى الجميع فيها.

(٢) أي: المضرب عنه، وهو الإنشاء هنا.

(٣) نحو: ربيعة وبني تميم، وقوله: حكماً يعني إكراماً وإهانة.

(٤) فظهر بما ذكرنا أن «بل، ولكن، ولا» متعينة لأن تكون قرينة العود إلى الأخيرة، وأن: «أو، وإما، وأم» قرينة العود إلى واحد غير متعين، فيصير مجملاً، وأن «الواو، والفاء، وثم» ظاهرة في العود إلى الجميع إلا لقرينة من غيرها، وأما «حتى» فلا تأتي في عطف الجمل. ولا يخفى عليك أن حكم الشرط والصفة والغاية حكم الاستثناء فيما ذكرنا، وأنه قد سبق أن الاستثناء عند الحنفية لمجرد الإعلام بعدم التعرض لحكم المستثنى، فقولهم بعوده إلى الأخيرة لا ينقض ذلك؛ إذ غايته أن الأخيرة مختصة بالإعلام بعدم التعرض لحكمه، وأما عدم التعرض فمشترك بينها وبين ما قبلها، وبهذا يظهر ضعف القول بأن محل النزاع كون نحو «إلا» لمطلق الإخراج أو للإخراج من شيء واحد، فتأمل. (من شرح الطبري على الكافل).