[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  في قولك: «جاءني الزيدون من ربيعة ومضر إلا الطوال» يعود إلى الجميع فكذلك في: «أكرم ربيعة واستأجرهم إلا الطوال»، ولا ينتقض ذلك بالجملتين المتباينتين؛ لظهور عدول المتكلم فيهما عن الأولى.
  الثالث قوله: (ولاستهجان التكرار) للاستثناء بعد كل جملة، فإنك إذا قلت: «اضرب من سرق إلا زيداً ومن زنى إلا زيداً ومن قتل إلا زيداً» كان ذلك قولاً مستهجناً، ولو لم يعد إلى الجميع لكان التكرار عند قصد الرجوع إلى الجميع غير مستهجن، لتعينه طريقاً لأداء المقصود.
  وأجيب بمنع الاستهجان إلا عند قرينة الاتصال، ولو سلم فإنما يستهجن لما فيه من الطول مع إمكان الاختصار بـ «إلا كذا من الجميع(١)».
  الرابع قوله: (ودفعاً للتحكم) وذلك لأنه صالح للجميع، واستعماله فيه كثير، فتخصيصه بالبعض تحكم.
  وأجيب بأن القرب مرجح فلا تحكم.
  احتج أبو حنيفة وأصحابه بأن (قالوا: آية القذف لم يرجع) الاستثناء (فيها إلى الجلد اتفاقاً) وتقريرها: أن الاستثناء لو وجب رجوعه إلى جميع ما تقدمه من الجمل المجموع بينها بحرف العطف لرجع: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا}[النور: ٥] في آية القذف إلى الجميع، لكنه لا يرجع إلى الجميع؛ للاتفاق على عدم سقوط الجلد بالتوبة.
  (قلنا: إن سلم فلدليل) يعني لا نسلم أنهم اتفقوا على عدم رجوع الاستثناء فيها إلى الجمل الثلاث جميعاً؛ لأن المستثنى هو: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ
(قوله): «ولا ينتقض ذلك بالجملتين ... إلخ» إشارة إلى جواب ما ذكره في شرح المختصر من أن ذلك ممنوع، فإن قولك: ضرب بنو تميم وقتل مضر وبكر شجاع ليست كالمفرد.
(قوله): «وأجيب بمنع الاستهجان إلا عند قرينة الاتصال» يعني أنه استهجن عند قرينة الاتصال، خاصة وأما عند عدمها فلا؛ لتعينها طريقاً.
(قوله): «بإلا كذا» بأن يقال: إلا كذا من الجميع.
(١) فيصرح بالعود إلى الجميع. (سبكي).