هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 717 - الجزء 2

  بيان ذلك: أن الخبر يدل على نسبة نفسية⁣(⁣١) لها متعلق يعبر عنه بالنسبة الخارجية الواقعة في نفس الأمر، فإن اعتبرت دلالته على النسبة الخارجية فلا دلالة في اللفظ على أن للمستثنى حكماً مخالفاً لحكم الصدر⁣(⁣٢)، وإن اعتبرت دلالته على النسبة النفسية ففي الاستثناء سواء كان من النفي أو من الإثبات دلالة على أن للمستثنى⁣(⁣٣) حكماً مخالفاً لحكم الصدر، وهو عدم الحكم النفسي الثابت في الصدر.

  ورد بأن ذلك مبني على إثبات الكلام النفسي وهو باطل، ولو سلم لزمهم فيما هو العمدة في مآخذ الأحكام - وهو الإنشاء لعدم دلالته على النسبة الخارجية - أن


(قوله): «لزمهم» فاعله قوله: أن الاستثناء ... إلخ.


(١) فإن قيل: كما أن المخالفة في النسبة النفسية هي عدم الحكم النفسي فكذلك في الخارجية هي عدم الحكم الخارجي، وقد ذكر أن في الاستثناء إعلاماً بعدم التعرض، وهو يستلزم عدم الحكم ضرورة، فيكون فيه دلالة على المخالفة. قلنا: الإعلام بعدم التعرض للشيء ليس⁣[⁣١] إعلاماً بعدم ذلك الشيء في الخارج، وعدم التعرض إنما يستلزم عدم الحكم الذكري أو النفسي لا الخارجي. (سعد).

(٢) أي صدر الجملة، وفي حاشية: صدر الكلام.

(٣) فالاستثناء لا يدل على المخالفة بين المستثنى والمستثنى منه في الحكم الخارجي؛ إذ لا دلالة في المستثنى على الحكم الخارجي أصلاً لا إثباتاً ولا نفياً، ويدل على المخالفة بينهما في الحكم الذهني، فإن كان من الإثبات دل على أن الحكم الذهني الذي كان في المستثنى منه ليس فيه لخروجه عما تعلق الحكم الذهني الذي كان به [يعني التعلق]، وإن كان من النفي دل على أن الحكم الذهني الذي نفي عن المستثنى منه ثابت فيه؛ لأنه يعقل أولاً إثبات النسبة للعام ثم سلب عن غير المستثنى فيبقى على الإثبات [يعني المتعقل أولاً]. (جواهر [وما بين المعقوفات ليس فيه]).

(*) قال سعد الدين في الشرح الصغير في شرح قوله: فخبر وإلا فإنشاء: أو تكون نسبته بحيث يقصد أن لها نسبة خارجية. وفي بعض حواشيه ما لفظه: أو تكون نسبته بحيث يقصد أن لها نسبة خارجية يفهم منه أنه ثبوت النسبة الخارجية للنسبة المفهومة من الكلام أن يكون للكلام إشعار بأن لها نسبة خارجية، وهذا موافق لما ذكره ¦ في بعض مصنفاته أن للكلام اللفظي أمراً نفسياً هي نسبة قائمة بالنفس، فإن كان مدلوله النسبة النفسية فقط فإنشاء، وإن كان مع دلالة وإشعار بأن لها متعلقاً خارجياً فخبر. والتحقيق كما يفهم من كلام بعض المحققين أنه نسبة واحدة في الذهن يلحقها اعتباران، فباعتبار أنها نتيجة الضرورة أو البرهان مع قطع النظر عما في الذهن لها نسبة أخرى خارجية، أي: خارجة عن تلك النسبة ومغايرتها إياها بالاعتبار، والفرق بين الاعتبارين في الإخبار عما في النفس كما إذا قلت: «بعت» إخباراً عما في ذهنك دقيق. اهـ منه والله أعلم.


[١] ويحتمل أن يكون جاهلاً.