هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 719 - الجزء 2

  إلا بوضوء») رواه الطبراني في المعجم الكبير والأوسط من حديث عيسى بن سبرة عن أبيه عن جده مرفوعاً، فلو كان الاستثناء من النفي يفيد الإثبات للزم ثبوت الصلاة بمجرد الوضوء، وأنه باطل بالاتفاق.

  (قلنا:) إنما ذلك (مبالغة) فلا يصح أن يكون الحصر فيه حقيقياً تحقيقياً، وإنما يكون من الحقيقي الادعائي، وذلك لأن الوضوء لما كان أمره متأكداً جعلت سائر الشروط بمنزلة العدم كأنه لا شرط لها غيره.

  وأيضاً لا يخلو إما أن يكون المعنى: لا صلاة إلا صلاة بوضوء فيكون الجار والمجرور ظرفاً مستقراً، أو إلا باقترانها بوضوء فيكون لغواً⁣(⁣١)؛ لافتقار الجار والمجرور إلى متعلق، وذلك المتعلق هو المستثنى.

  وأما المستثنى منه فعلى الأول مذكور، وهو النكرة المنفية، وعلى الثاني محذوف، وهو بوجه من الوجوه، والاستثناء مفرغ، وحينئذ لا نسلم أن قولنا: «لا صلاة⁣(⁣٢) إلا بوضوء» يقتضي صحة كل صلاة ملصقة بالوضوء، بل لا يقتضي إلا صحة


(قوله): «حقيقياً تحقيقياً» الحقيقي يقابل الإضافي، والتحقيقي يقابل الادعائي. وهذا الجواب هو الذي اعتمده السعد، والجواب الآخر المشار إليه بقوله #: وأيضاً لا يخلو إما أن يكون ... إلخ هو الذي اعتمده في شرح المختصر. فقوله: وأيضاً لا يخلو إما أن يكون المعنى ... إلخ، يعني أن قولنا: إلا بوضوء⁣[⁣١] ليس المراد به إخراج الوضوء من الصلاة فتثبت بثبوته، وذلك أنا لمن نقل: لا صلاة إلا الوضوء، بل قلنا: بوضوء، فلا بد من تقدير أمر يتعلق به قولنا: بوضوء، أي: لا صلاة إلا صلاة بوضوء ... إلخ.

(قوله): «مستقراً» صفة لصلاة⁣[⁣٢].

(قوله): «ملصقة» في السعد: ملتصقة.


(١) فيه إشارة إلى أنه لغو وإن كان محذوفاً، قال بعضهم: المستقر ما تعلق بمحذوف من المتعلقات العامة، واللغو ما تعلق بخاص مذكور أو محذوف.

(٢) بوضوء صفة حذف متعلقه وانتقل الضمير إلى الجار والمجرور، فيكون ظرفاً مستقراً، وقوله: «إلا باقترانها بوضوء» المتعلق لفظ الاقتران، وهو مصدر لا يتحمل الضمير، فيكون الظرف لغواً على التقدير الثاني، التقدير لا صلاة بوجه من الوجوه إلا باقترانها بوضوء، وقوله: كذلك أي: ملصقة بالوضوء، وقوله: وأما من حلف ... إلخ فتقدير الإيراد أنه إن حكم ببطلان عموم النكرة الموصوفة في قوله: لا أجالس إلا رجلاً عالماً لزم أن يحنث بمجالسة عالمين أو ثلاثة؛ لأن المراد واحد فقط فقال: إنما يحنث لأن المراد بالمستثنى إلا نوع العلماء لا رجلاً واحداً فتأمل. (عن خط بعض العلماء).


[١] يفهم من عبارة المحشي أن إلزام الحنفية بقوله: لا صلاة إلا بوضوء أن مرادهم لا صلاة إلا الوضوء، وليس كذلك، فتأمل في كلام المؤلف. (ح عن خط شيخه). وفي حاشية بعد هذا ما لفظه: نعم لو كان المراد الجواب الأول لكن المراد الثاني فلا اعتراض.

[٢] الصفة هو الظرف مع متعلقه لا مستقر، ولعل مراده هذا ولكن قصرت العبارة. (عن خط إسمعيل بن محمد ح).