[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  والثاني يختص بما إذا كان الوصف صالحاً للاستقلال بالعلية ولم يعارضه قاطع.
  وقد استدل(١) للحنفية بقوله ø: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]، فإنه لو اقتضى الإثبات لزم أن يكلف كل نفس بجميع وسعها؛ لأن وسعاً جنس مضاف فكان عاماً، فيصير التقدير: لا يكلف الله نفساً بشيء إلا بكل ما تسعه فإنها مكلفة، وليس كذلك.
  وليس بشيء(٢)؛ لأن العموم منتف بالإجماع، وأصل الإثبات باق في الباقي.
(قوله): «والثاني» يعني دلالة الكلام على أن علة الصحة هي الوصف.
(قوله): «ولم يعارضه قاطع» والمعارض هنا الإجماع[١] على أن من حلف لأكرمن ... إلخ.
(قوله): «لأن العموم» أي: عموم وسعها «منتف بالإجماع» لأن الإجماع قائم على عدم عموم الجنس المضاف هنا؛ إذ لا تكلف بكل ما في وسعها؛ إذ في وسعها القدرة على صلوات لم تكلف بها، فلا تتم الملازمة المشار إليها بقوله: لو اقتضى الإثبات لزم ... إلخ.
(قوله): «وأصل الإثبات» أي: إثبات ما بعد الاستثناء باق لم يعارضه الإجماع؛ لأن الإجماع إنما عارض العموم، وأما إثبات المستثنى الذي هو المدعى فهو باق لم ينفه الإجماع. والحاصل أن المخالف استدل بلزوم إثبات التكليف للوسع العام، والمؤلف # أجاب بإبطال العموم وإبقاء أصل الإثبات الذي هو المدعى.
(قوله): «باق» أي: أصل الإثبات. وإنما قال: أصل الإثبات لأن العموم صفة له[٢]، وقد انتفى العموم وبقي الأصل، وهو الإثبات؛ إذ لم ينفه الإجماع.
(قوله): «في الباقي» أي: من العموم بعد الاستثناء، وهو الوسع الواقع عليه التكليف.
(١) في شرح ألفية البرماوي ما لفظه: قال السبكي في شرح البيضاوي: وقع لي في بعض المجالس الاستدلال للحنفية بقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]، إلى قوله: ليس كذلك، قال: واستحسن ذلك والدي.
(٢) نقل معنى هذا الجواب البرماوي، وعبارته: قلت: لا يلزم من تعذر العموم في الشيء أن ينفى مدلوله، فنقول: انتفى العموم للإجماع فبقي أصل الإثبات. (من شرح ألفيته).
(*) على أن ابن أبي النجم حكى عن هبة الله المفسر القول بموجب هذه الآية ولكنها قد نسخت بقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥].
[١] ينظر؛ فلعل القاطع هو قيام الدليل على اعتبار غير الوضوء من الشروط. (حسن بن يحيى من خط حفيد مؤلف الروض).
[٢] بل صفة للوسع كما صرح به أولا بقوله: للوسع العام فتأمل. (ح عن خط شيخه). وفي حاشية: وإنما قال: أصل الإثبات لأنه قد انتفى العموم وبقي الإثبات، قال: اهـ من خط سيلان.