[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  الاستثناء(١) وحكم على الباقي ولا حكم في الكلام على المستثنى، ففي مثل(٢): «علي عشرة إلا ثلاثة» إنما لم تثبت الثلاثة بحكم البراءة الأصلية(٣) لا بدلالة الكلام، وفي مثل: «ليس علي إلا سبعة» إنما تثبت السبعة بحسب العرف وطريق الإشارة لا بحسب دلالة الكلام.
  وكلمة التوحيد يحصل بها الإيمان من المشرك ومن القائل بنفي الصانع بحسب عرف الشارع(٤)، ويؤولون كلام أهل العربية أنه من الإثبات نفي(٥) بأنه مجاز تعبيراً عن عدم الحكم بالحكم بالعدم، من باب إطلاق الأخص على الأعم والملزوم على اللازم(٦)، وفي هذه التأويلات من التعسف ما ترى، مع أنه إن احتمل إجماع أهل العربية على كونه من الإثبات نفياً ما ذكروه من التأويل فمن أين لهم تأويل لما أجمعوا عليه من كونه من النفي إثباتاً؟
(قوله): «الأخص» وهو الحكم بالعدم «على الأعم» وهو عدم الحكم.
(قوله): «والملزوم» وهو الأخص «على اللازم» وهو الأعم.
(١) عبارة العضد: أنه أخرج المستثنى.
(٢) هذا بالنظر إلى ما يفهم من ظاهر اللفظ إذا أقر، أي: حكمنا بما ذكر لا من دلالة اللفظ، بل يحكم بالبراءة أو بالعرف، وكذلك كلمة التوحيد إذا قال: «لا إله إلا الله» لم يفهم إثبات الإلهية لله من اللفظ في إسلام الكافر، بل حكمنا بذلك بحكم عرف الشرع، فنعامله بما فهمناه من السوق. هذا كله بالنظر إلى النسبة الخارجية، وأما النسبة النفسية فقد تقدم عنهم إثبات الحكم للمستثنى ونفيه عنه، وفيه ما مر، فتأمل هنا وما مر في صدر المسألة. (عن خط بعض العلماء).
(٣) وعدم الدلالة على الثبوت، وقوله: لا بدلالة الكلام يعني على عدم الثبوت. (سعد).
(٤) فإن ظاهر حال كل متلفظ بها أنه إنما يقصد بها التوحيد لا التعطيل. (من حاشية ابن أبي شريف).
(*) ولما ذكر ابن دقيق العيد في شرح الإلمام قول الحنفية في كلمة التوحيد: إنها لا تدل على ثبوت الإلهية بحسب الوضع بل بعرف الشرع واستدلالهم والجواب عنه قال: وكل هذا عندي تشغيب ومراوغات جدلية، والشرع خاطب الناس بهذه الكلمة وأمرهم بها لإثبات مقصود التوحيد، وحصل الفهم لذلك منهم من غير احتياج لأمر زائد، ولو كان وضع اللفظ لا يقتضي ذلك لكان أهم المهمات أن يعلمنا الشارع ما يقتضيه بالوضع من غير احتياج لأمر آخر، فإن ذلك هو المقصود الأعظم في الإسلام.
(٥) بخلاف كونه من النفي إثباتاً فلا يحتمل التأويل.
(٦) المراد من اللزوم الانتقال في الجملة كما تقرر في علم البيان، لا اللزوم الذهني المعتبر في دلالة الالتزام. (علوي).