[فصل: في الطرق التي يعرف بها تخصيص العام]
  (و) على المختار(١) (كل وتر) من المستثنيات - والوتر: المستثنى الأول والثالث والخامس وعلى هذا - (منفي) خارج (وكل شفع) منها وهو: الثاني والرابع والسادس ونحوها (مثبت) داخل حيث كان الاستثناء (من الموجب) كما مثلناه، فيكون: قد جاءك المكيون غير قريش مع جميع بني هاشم إلا عقيلاً، ويلزمك بالإقرار سبعة؛ لأنك أخرجت خمسة من العشرة فبقي خمسة، وأدخلت معها ثلاثة صارت ثمانية، ثم أخرجت منها واحداً، فيكون الباقي سبعة.
  (و) هو (بالعكس) إذا كان (من غيره) أي: من غير الموجب، فكل وتر مثبت داخل وكل شفع منفي خارج. فإذا قلت: ما جاءني المكيون إلا قريش إلا هاشماً إلا عقيلاً فقد جاءك من المكيين جميع قريش مع عقيل إلا هاشماً، وإذا قلت: ما له علي عشرة إلا خمسةٌ إلا ثلاثةً إلا واحداً لزمك بالإقرار ثلاثة؛ لأنك أثبت بالاستثناء الأول خمسة، وأخرجت منها ثلاثة فبقي اثنان، وضممت إليهما واحداً، فيكون الباقي ثلاثة.
  (إلا(٢)) إذا كانت الاستثناءات (متعاطفة أو لا يمكن من المتلو) بأن تستغرقه (فمن الأول) وهو المذكور قبلها (مع الإمكان) لرجوع الجميع إلى المذكور أولا بأن لا تكون مستغرقة له.
  أما المتعاطفة فلأن العطف يقتضي(٣) التشريك، ولما كان الاستثناء الأول راجعاً إلى المذكور قبله كان ما بعده كذلك؛ لتحصل فائدة العطف، وذلك حيث يمكن إرجاع الاستثناءات كلها إلى المذكور أولاً بأن لا تستغرقه، وإلا بطل ما وقع به الاستغراق.
  وأما غير المتعاطفة التي لا يمكن فيها إرجاع كل تال إلى متلوه فلأنه يجب حمل الكلام على الصحة ما أمكن، فإذا تعذر من المتلو وأمكن من المذكور أولاً وجب،
(١) وهو كون كل تال من متلوه يصير كل وتر ... إلخ.
(٢) لكن ينظر هل تعد المعطوفات مع كثرتها منقطعاً باعتبار ما طال التراخي بينه وبين ما قبله، مثلاً لو قال: علي له ألف إلا واحداً وإلا واحداً حتى يبقى عشرة؟ ثم الظاهر والله أعلم أن ما يكون الشفع مثبتاً والوتر منفياً أو العكس إن لم يكن جواب دعوى صادرة كذلك، كما لو قيل: عليه لي ألف إلا عشرة وإلا خمسة، وقال المدعى عليه: ما علي ألف إلا عشرة وإلا خمسة. (ع). والله أعلم.
(٣) نحو: له علي عشرة إلا أربعة وإلا ثلاثة وإلا اثنين، فلا يلزمه في هذه الصورة سوى درهم. (شرح جمع الجوامع).