[فصل: في الطرق التي يعرف بها تخصيص العام]
  فإذا قلت: علي عشرة إلا اثنين إلا ثلاثة كان اللازم خمسة(١)، وهذا مذهب الجمهور.
  وقال الفراء هنا أيضاً: إن الوتر وهو الاثنان منفي خارج، والشفع وهو الثلاثة مثبت داخل، فيكون معنى عشرة إلا اثنين ثمانية، وقولك: إلا ثلاثة إدخال فتزاد على الثمانية، فيكون الإقرار بأحد عشر. وهو في غاية الضعف؛ لأن الاستثناء بعد المنفي إنما يكون مثبتاً إذا كان من ذلك المنفي، وقولك: إلا ثلاثة لا يمكن أن يكون من الاثنين، فهو إما من العشرة كما أن الاثنين منها أو من الثمانية الباقية بعد الاستثناء الأول، وكلاهما مثبتان، فتكون الثلاثة على التقديرين منفية، فيكون الإقرار بخمسة على الوجهين. وإن لم يمكن إرجاعها جميعاً إلى المذكور أولاً بأن تستغرقه نحو خمسة إلا اثنين إلا ثلاثة كان الاستثناء الثاني لغواً عند غير الفراء، وأما عنده فاللازم ستة.
[الغاية]
  مسألة: (الغاية(٢) كـ: {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}[البقرة: ١٨٧]) هذا النوع الثاني
(قوله): «الغاية» قدم صاحب الفصول وابن الحاجب الشرط على الغاية، والمؤلف # عكس، ووجهه[١]، وصاحب الكافل قدم مفهوم اللقب ثم مفهوم الصفة ثم الشرط ثم الغاية، وكأن وجهه الترقي من الأضعف إلى الأقوى.
(قوله): «كأتموا الصيام إلى الليل» إذا كان العموم في الصيام كان المعنى أتموا كل صيام، فلم تخرج الغاية شيئاً[٢]، اللهم إلا أن يقال بدخول إمساك بعض الليل في كل صيام، وفيه بعد، فينظر في العموم[٣] الذي خصصته الغاية.
(١) وإن استغرق الأول فقط نحو: له علي عشرة إلا عشرة إلا أربعة قيل: يلزمه عشرة لبطلان الأول والثاني تبعاً، وقيل: أربعة اعتباراً للاستثناء الثاني من الأول، وقيل: ستة اعتباراً للثاني دون الأول. (شرح محلي للجمع).
(٢) في شرح ابن جحاف: يقع التخصيص بالغاية لدلالتها على تعلق الحكم بما قبلها فقط، وأما كون ما بعدها مخالفاً لما قبلها في الحكم أو مسكوتاً عنه فالمختار أنها تدل على مخالفته له في الحكم بالمفهوم وفاقاً للجمهور، وخلافاً لأبي رشيد وبعض الفقهاء، وقد يكون كل من الغاية وما قيد بها متحداً ومتعدداً جمعاً وبدلاً، وهذه تسع صور: فمتحدين معاً كأتموا الصيام إلى الليل، ومتعددين معاً جمعاً بأن يكون المغيَّا مجموع أمرين والغاية كذلك، كلو قيل: لا تأكل السمك وتشرب اللبن إلى أن يدخل الصيف وتبلغ من كذا، ومتعددين معاً بدلاً بأن يكون المغيا أحد أمرين على البدل والغاية كذلك، نحو: «أكرم زيداً أو عمراً إلى أن يقدم بكر أو خالد»، =
[١] بياض بعد هذا في الأمهات، وحشى عليه في بعض النسخ بما لفظه: أنه قدم الاستثناء وأتبعه بالغاية ليتوالى ما يخرج المذكور. (ح عن خط شيخه).
[٢] العموم في الزمن المستلزم له الصيام لا في الصيام، والمعنى أتموا الصيام في كل وقت إلى الليل فتأمل اهـ بناء على ما ذهب إليه الجمهور من أن عموم الأفعال مستلزم لعموم الأزمان، وقد ذكر هذه القاعدة صاحب الفصول وابن دقيق العيد في شرح العمدة. (ح عن خط شيخه).
[٣] يكون من تخصيص الأزمنة، أفاده السيد عبدالله بن علي الوزير |.