[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  طالب والمنصور بالله عبدالله بن حمزة، وعليه الجمهور، ونقله الآمدي وابن الحاجب عن الأئمة الأربعة، لكن الإطلاق مقيد عند الحنفية بالمشهور(١)، وأما بغيره فيجوز بعد التخصيص بمنفصل غير فعل، لا بعد النسخ(٢).
  (و) منها أنه (قيل) بالجواز (مع التخصيص بقطعي(٣)) عقلي أو نقلي متصل أو منفصل، وهو لعيسى بن أبان وأتباعه، وهذا لا ينافي ما تقدم له من أن العام بعد التخصيص لا يكون حجة بل يصير مجملاً؛ لأنه إذا أخرج شيء من الباقي بخبر
(قوله): «بمنفصل غير فعل» ينظر في حجتهم على ذلك.
(قوله): «لا بعد النسخ» إذ لو كان بعد النسخ فقد تراخى، فلا يكون غير الخبر المشهور مخصصاً.
(قوله): «مع التخصيص بقطعي» أي: إن سبق تخصيص العام بقطعي.
= بيان جواز تخصيص الكتاب بخبر الآحاد، وأما بيان فيم يجوز وفيم لا يجوز فبحث آخر، وقس على هذا عدم تقييد تخصيص المتواتر بالآحاد كما سيأتي، وكذلك التخصيص بالمفهوم كما سيأتي أيضاً. وأما صاحب الفصول فقيد أيضاً في الموضعين، ولعل فائدة تقييده في الثلاثة المواضع دفع ما يتوهم من الإطلاق، والله أعلم، لكن لا يخفى أنه يلزم من تعليل تخصيص المفهوم والقياس بالجمع بين الدليلين مع أن كل واحد منهما أضعف من العام المخصص عدم التقييد، ولعل المؤلف لا يقول بالتقييد، لكن ما لمح إليه في رد الوجه الثاني للمانعين مطلقاً كما سبق الإشارة إليه يبتني على خلاف ذلك.
(١) أي: الخبر المشهور، وهو ما كان راويه ثلاثة فصاعداً عن ثلاثة كذلك.
(٢) أي: لا بعد نسخ بعض ما تناوله العام فلا يجوز التخصيص بخبر الآحاد، فلا يتوهم أنه بعد نسخ العام، فإنه حينئذ يخرج عن المبحث فليتأمل. (شيخ لطف الله).
(٣) أي: إن سبق تخصيص العام بقطعي. (شيخ لطف الله). بخلاف ما لم يخص أو خص بظني. (محلي).
(*) قال في الجمع بعد كلام ابن أبان ما لفظه: وعندي عكسه. اهـ قال في بعض حواشي شرحه: أي: إن خص بقاطع لم يجز تخصيصه بالآحاد، وإلا جاز؛ وذلك لأن الغالب في العمومات أنها مخصصة حتى قيل: إن ما من عام إلا وقد خص، فإذا كان لا بد من مخصص فالتخصيص بخبر الواحد يلحق بما هو الأغلب في العمومات، بخلاف العام إذا خص بقاطع فقد وافق الأغلب فلا ضرورة إلى تخصيصه بعد ذلك بخبر الآحاد. وأقام شارحه ذلك قولاً وأنه انفرد به، وهو لم يورده إلا بحثاً واحتمالاً، وإلا فكان يختار في سائر المخصصات على آراء ضعيفة أنه يجوز التخصيص بها إذا لم يتقدم تخصيص بما يسوغ التخصيص إلحاقاً لذلك العام بالأغلب في العموم، ولم يقل ذلك، فاعلم هذا.
(*) ومثال تخصيص الكتاب بخبر الواحد بعد أن خصص بقطعي - أي: بالكتاب - قوله تعالى: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ٥]، ثم أخرج منه النصارى بقوله: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ٢٩}[التوبة]، ثم أخرج منه المجوس بقوله #: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب». (شرح منهاج).