[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  (و) يجوز تخصيص العموم (بفعله #) عند أكثر القائلين بكون فعله حجة.
  وقال الكرخي وابن برهان ومن وافقهما: إنه لا يجوز.
  واعلم أن العام إما أن يكون عاماً للأمة وللرسول(١) ÷ أو عاماً للأمة دونه ÷، إن كان الثاني ففعله لا يكون تخصيصاً له عن العموم؛ لعدم دخوله فيه، وأما بالنسبة إلى الأمة ففيه الأقسام والمذاهب الآتية.
  وإن كان الأول كما لو قال: الوصال أو استقبال القبلة عند قضاء الحاجة أو كشف الفخذ حرام على كل مسلم، ثم فعل(٢) شيئاً من هذه الأشياء التي حرمها، فلا خلاف في أن فعله يكون مخصصاً للعموم بالنسبة إليه(٣)، وأما بالنسبة إلى الأمة فلا يخلو إما أن يجب اتباع الأمة له في ذلك الفعل أو لا، فعلى الثاني يكون تخصيصاً له دون الأمة (فإن وجب الاتباع) وهو الأول فإما أن يجب بدليل خاص لذلك الفعل أو
(قوله): «فإن وجب الاتباع فبالخاص كما لو قال أولاً: لا يحل لأحد أن يصلي مكشوف الرأس» هذا ليس دليل وجوب الاتباع الخاص، بل هو العموم المنسوخ بالفعل، فلا يصلح تقييد الخاص به، وأما دليل الاتباع فلم يتعرض له المؤلف #[١]، فلو قال: فبالخاص نسخ كما لو قال أولا: يحل ... إلخ، وقال: صلوا كما رأيتموني أصلي ثم صلى مكشوف الرأس لكان أولى؛ ليحصل التمثيل لدليل الاتباع الخاص، وليكون للتقييد وجه صحة؛ إذ يكون قوله: لا يحل بياناً لنسخه بالفعل، وقوله: صلوا بياناً لدليل الاتباع الخاص. واعلم أن في عبارة المتن نوع تعقيد[٢]؛ لأن قوله: فبالخاص نسخ معناه فوجوب الاتباع بالخاص نسخ، فقوله: نسخ ليس بخبر للوجوب، وهو ظاهر ولو جعل خبراً للفعل كما هو مقتضى قوله في الشرح: فهذا الفعل نسخ لم ينتظم معه لفظ المتن كما لا يخفى، ويبقى وجوب الاتباع بلا خبر، ولو قال المؤلف # في المتن: فإن ثبت الاتباع بخاص فنسخ لانتظم الكلام وقد توجه عبارة المتن بأن قوله: فبالخاص معناه فإن ثبت الوجوب بالخاص، وقوله: فنسخ جواب هذا الشرط، وهو خبر لمبتدأ، وهو ضمير عائد إلى الفعل، أي: فهو نسخ، وهذا الشرط وجوابه جواب الشرط المتقدم، أعني قوله: فإن ثبت الاتباع.
(١) وليس في ذلك القول أن حكم الرسول حكمنا على سبيل النصوصية. (قسطاس).
(٢) لا بد من تقييد الفعل بأن يقال: ثم فعل شيئاً بلا تراخ؛ إذ مع التراخي يكون الفعل ناسخاً لحكم العموم في حقه؛ لامتناع تأخر البيان عن وقت الحاجة، وكذلك قوله #، فعلى الثاني يكون تخصيصاً له دون الأمة لا بد من تقييده كذلك، وقد سبق هذا للمؤلف # في السنة، فلعله اكتفى عن التقييد هنا إحالة على ما سبق.
(٣) فإن كان في ذلك القول العام أن حكمه حكمنا على سبيل النصوصية بأن يقول: علي وعلى كل مسلم - كان فعله نسخاً لا تخصيصاً. (قسطاس).
[١] بل قد تعرض له آخراً فتأمل. (ح عن خط شيخه).
[٢] كلام المؤلف مستقيم فتأمل فيه. (ح عن خط شيخه).