[فصل: في الطرق التي يعرف بها تخصيص العام]
[التخصيص بالعادة]
  (و) منها: أنه (لا) يجوز (بموافق(١) العام) وهو(٢) أن يحكم على الخاص بما حكم به على العام، بشرط أن لا يكون للخاص مفهوم مخالفة يقتضي نفي الحكم عن غيره من أفراد العام، كما إذا قيل: في الغنم زكاة، في الغنم السائمة زكاة(٣)، وإنما ترك التقييد بهذا الشرط اعتماداً على ما سبق وما يأتي من(٤) جواب شبهة المخالف. وعدم التخصيص بموافق العام هو قول الجم الغفير إلا ما يحكى عن أبي ثور من أصحاب الشافعي، وقد مثل بقوله ÷ فيما رواه مسلم عن ابن عباس: «إذا دبغ الإهاب فقد طهر»، وبما جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي ÷ مر بشاة ميتة فقال: «هلا استمتعتم بإهابها» فقالوا: يا رسول الله، إنها ميتة، فقال: «إنما حرم من الميتة أكلها»، ومثله ما رواه مسلم عن ابن عباس عن ميمونة أن النبي ÷ مر بشاة لمولاة ميمونة ماتت فقال: «ألا أخذوا إهابها فدبغوه وانتفعوا به» فقالوا: يا رسول الله، إنها ميتة، فقال رسول الله ÷: «إنما حرم أكلها».
  ووجه التمثيل أن الحديث الثاني فيه ذكر بعض العام(٥) والحكم عليه بمثل
(قوله): «كما إذا قيل: في الغنم ... إلخ» مثال لما كان للخاص مفهوم موافقة يخصص به.
(قوله): «اعتمادا على ما سبق» من تخصيص العموم بالمفهوم.
(قوله): «إنما حرم من الميتة أكلها» هذا عام لا خاص، فهو كالعام المتقدم، وهو إذا دبغ الإهاب فقد طهر، اللهم إلا أن يقال: المراد بالميتة هاهنا ميتة المأكول كما سيأتي عن أبي ثور. وفي شرح المختصر: مثاله قوله ÷ في شاة ميمونة: «دباغها طهورها».
(١) ثم لا يخفى أن صورة المسألة إذا كان الخاص موافقاً لحكم العام، فإن كان له مفهوم يخالفه كالصفة فهي مسألة تخصيص العموم بالمفهوم، وقد سبقت. (زركشي على الجمع).
(*) وإن شئت قلت: إذا أفرد الشارع فرداً من أفراد العام بالذكر وحكم عليه بما حكم على العام لم يخصصه. (من السبكي). وهي أصرح من عبارة الكتاب، والله أعلم.
(٢) أي: وفاق الخاص للعام.
(٣) أما ما كان كذلك فإنه يخصص العام بحكم الخاص؛ لأنه تخصيص بالمفهوم كما مر، فلا نزاع فيه.
(٤) في المطبوع: وعلى ما يأتي في جواب.
(٥) وهو إهاب الشاة؛ لأنه بعض العام، وهو الإهاب المطلق.