[فصل: في الطرق التي يعرف بها تخصيص العام]
  (مثل) قوله ÷: («لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده») رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن قيس بن عباد(١) قال: انطلقت أنا والأشتر إلى علي # فقلنا: هل عهد إليك نبي الله شيئاً لم يعهده إلى الناس عامة؟ فقال: لا إلا ما كان في كتابي هذا، فأخرج كتاباً من قراب(٢) سيفه فإذا فيه: «المؤمنون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده». وفي رواية النسائي عن الأشتر أنه قال لعلي: إن الناس قد تفشع بهم ما يسمعون، فإن كان رسول الله ÷ عهد إليك عهداً فحدثنا به، قال: ما عهد إلي رسول الله ÷ عهداً لم يعهده إلى الناس غير أن في قراب سيفي صحيفة؛ فإذا فيها: «المؤمنون تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، لا يتقل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده(٣)»، فاستدل أصحابنا والشافعي بقوله: «لا يقتل مؤمن بكافر» على أن المسلم لا يقتل بالذمي؛ لأن لفظ «الكافر» وقع منكراً في سياق النفي فعم الذمي.
  وقالت الحنفية: تجب المساواة بين المعطوف والمعطوف عليه، فيجب أن يقدر في المعطوف بكافر كالمعطوف عليه، فيكون على التقدير(٤): ولا يقتل ذو عهد في عهده بكافر، قالوا: ومما يقوي أن المراد عدم قتله بالكافر أن تحريم قتل المعاهد معلوم لا يحتاج إلى بيان، وإلا لم يكن للعهد فائدة، ثم إن الكافر الذي لا يقتل به المعاهد هو الحربي؛ لأن الإجماع قائم على قتله بمثله وبالذمي، فوجب أن يكون الكافر الذي لا يقتل به المسلم أيضاً هو الحربي؛ تسوية بين المعطوف والمعطوف عليه.
(قوله): «إن الناس قد تفشع» بالفاء، أي: فشا وانتشر، ذكره في النهاية.
(قوله): «فيكون على التقدير» أي: على أن يقدر في المعطوف بكافر.
(قوله): «لأن الإجماع قائم على قتله» أي: المعاهد.
(١) هو بضم العين وفتح الباء الموحدة وتخفيفها، تابعي، ذكره الهندي في ضبط أسماء الرجال.
(٢) هو شبه الجراب يطرح الراكب فيه سيفه بغمده وسوطه، وقد يطرح فيه زاده من تمر وغيره. (نهاية).
(٣) تمامه: «من أحدث حدثاً فعلى نفسه، ومن أحدث حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» أخرجه أبو داود والنسائي.
(٤) لفظ على ثابت في النسخ، وشكل عليها هنا، وقد تكلم على ذلك سيلان.