[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  للعمل بالخاص، وتأخره بمدة تتسع لذلك، ويجب القول بنسخ ما تناولاه على تقدير تأخر الخاص بمدة تتسع للعمل بالعام لا غير، ولا شك أن وقوع أحد أمور أربعة أغلب من وقوع واحد معين، فوجب الحمل على الأغلب؛ لكونه مظنوناً.
  (واستدل) فيما نحن فيه (بالإجماع) استدل به أبو الحسين حيث قال: إن فقهاء الأمصار في هذه الأعصار يخصون أعم الخبرين بأخصهما مع فقد علمهم بالتاريخ.
  (وأما الآخر) وهو كون الخاص المتأخر عن وقت الحاجة إلى العمل بالعام ناسخاً (فلامتناع البيان) المتأخر عن وقت الحاجة (كما سيأتي) بيانه إن شاء الله تعالى في فصل البيان.
  احتج القائلون بالتعارض مع جهل التأريخ: بأنه يحتمل بطلان الخاص لجواز تأخر العام، وعدم بطلانه لجواز تقدم العام، فيجب الوقف إلى أن يظهر مرجح.
  قلنا: ذلك مبني على أن العام المتأخر ينسخ الخاص المتقدم، وقد أبطلناه، ولو سُلِّم(١) فإجراء العام على عمومه يوجب إلغاء الخاص(٢)، واعتبار الخاص لا
(قوله): «وأما الآخر» بكسر الخاء، أي: الآخر من الأقسام التي أشار إليها المتن بقوله إن تقارنا أو تفارقا ... إلخ، والآخر هو قوله: فالخاص المتأخر ناسخ؛ إذ قوله: لا العام اعتراض بيان لمفهوم الخاص.
(قوله): «لجواز تأخر العام» فيكون ناسخاً عندهم.
(١) لا يخفى أن الضمير المستتر في قوله: ولو سلم عائد إلى عدم بطلان نسخ العام المتأخر للخاص المتقدم بما سبق، والمعنى ولو سلم عدم بطلانه بالدليل السابق فلنا دليل آخر على بطلانه، وهو أن إجراء العام إلخ؛ لا أن الضمير عائد إلى أن العام المتأخر ينسخ الخاص المتقدم؛ إذ يصير المعنى ولو سلم أن العام المتأخر ينسخ الخاص المتقدم فإجراء العام إلخ، ولا معنى للاستدلال على خلاف ما قد سلم، وحينئذ فكان الأظهر أن يقول: وقد أبطلناه بما سبق وأيضاً إجراء العام إلخ، والله أعلم. اهـ ويحتمل أن المراد ولو سلم أن المتأخر العام ينسخ الخاص في المعلوم تأخره فلا نسلمه في المجهول؛ لأن إجراء العام على عمومه إلخ.
(*) يعني: لو سلم إبطال العام المتأخر للخاص المتقدم فهو لا يوجب التعارض الموجب للوقف.
(٢) قال في شرح الجوهرة بعد ذكر هذا الوجه ما لفظه: قولك: إنه يكون إلغاء للخاص غير مسلم؛ لأنه قد ثبت أنه يجوز أن يكون متقدماً فيكون منسوخاً وقد أراده الله تعالى في الزمان المتقدم، فهو أعم من العام في الزمان وإن كان العام أعم منه في الأعيان.