الباب الرابع من المقصد الرابع: (في المجمل والمبين)
  كل منهما، نحو زيد طبيب ماهر؛ لتردد ماهر بين عوده إلى طبيب فتلزم المهارة في الطب، وإلى زيد فيكون المعنى أنه طبيب وأنه ماهر(١).
  (أو) في (المجاز) إذا وقع في التركيب وامتنع حمل اللفظ على الحقيقة فيه وكان له مجازات يحتمل كل واحد منها على السواء، كما في: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}[المائدة: ٣]، و «رفع عن أمتي الخطأ» عند المخالف(٢).
  (أو) في (التخصيص بمجهول) سواء كان متصلاً مثل قوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ}[المائدة: ١]، أو منفصلاً نحو أن يقول: «اقتلوا المشركين» ثم يقول: لا تقتلوا بعضهم(٣).
  (أو) في (غير ذلك) فإنه قد يكون بسبب تردد اللفظ بين جمع الأجزاء وجمع الصفات(٤)، نحو:
(قوله): «تردد اللفظ» الظاهر أن المراد تردد مجموع اللفظ المركب، أعني الخمسة زوج لا الخمسة وحدها.
(قوله): «جمع الأجزاء» أي: مجموع أجزائه زوج وفرد، وهذا صادق، ولو أريد مجموع الصفات - أي: يكون موصوفاً بالزوجية والفردية - كان كاذبا.
(١) فيجوز إذاً أن تكون المهارة في غير الطب. (من شرح السيد صلاح على الفصول).
(٢) وهو من يقول: لا عموم في المقتضيات.
(٣) كذا قيل، والظاهر أنه مبين؛ لأن البعض يطلق على كل جزء منهم لكونه متواطياً، فيمكن الامتثال بأن يقتل ما عدا ما يصدق عليه بعض، إلا أن يريد به بعضاً معيناً فيصير مجازاً لعدم تعينه لفظاً فتأمل. (طبري).
(٤) وإن تعين الأول نظراً إلى صدق المتكلم به؛ إذ حمله على الثاني يوجب كذبه. (محلي). فإن تعينه ليس من حيث دلالة اللفظ الأصلية، بل من حيث إن حمله على المعنى الثاني يقتضي كذب المخبر، فهو بيان لأن المراد أحد معنييه، ولا يخرجه ذلك عن الإجمال من حيث دلالته الأصلية، وقد قال أبو زرعة والبرماوي: إن في هذا المثال من المجمل نظراً لا يخفى؛ ولذا أسقطه البرماوي في نبذته ونظمها، ووجه النظر والله أعلم أن فردية مجموع الثلاثة لما كانت أمراً بديهياً كان فهم أن المراد المعنى الآخر - وهو مجموع الأجزاء - حاصلاً عقيب النطق باللفظ، والمعنى متضح فلا إجمال، وأنت إذا تأملت ما قررناه ظهر لك اندفاع النظر. (من حاشية ابن أبي شريف على الجمع).