الباب الرابع من المقصد الرابع: (في المجمل والمبين)
  شبهة المخالف وجوابها، أما تقرير الشبهة: فبأن زمان الفعل أطول من زمان القول، فالبيان به يوجب تأخير البيان مع إمكانه بما هو أفضى إليه، وهو القول، وذلك غير جائز.
  وأما تقرير الجواب: فبأنا لا نسلم أن زمان الفعل أطول من زمان القول، فإن ما في ركعتين من الهيئات لو بين بالقول لاستدعى زماناً أطول مما تصلى فيه الركعتان بكثير، ولو سلم فلا نسلم استلزامه التأخير؛ لأن التأخير هو أن لا يشرع فيه عقيب الإمكان(١) لا امتداد الفعل، كمن قال لغلامه: ادخل البصرة، فسار عشرة أيام حتى دخلها؛ فإنه لا يعد بذلك مؤخراً، بل مبادراً ممتثلاً بالفور، ولو سلم فلا نسلم أن تأخير البيان مع إمكانه بما هو أفضى إليه غير جائز على الإطلاق، إنما ذلك حيث لا غرض في التأخير، أما مع وجود غرض في التأخير كسلوك أقوى البيانين(٢) فيما نحن فيه فلا(٣).
(قوله): «مع إمكانه» أي: البيان.
(قوله): «بما هو أفضى» أي: أقرب إفضاء أي إيصالاً إليه، وكان الأولى التوصل إلى قوله: أفضى بأقرب ونحوه كما لا يخفى، وعبارة شرح المختصر: مع إمكان تعجيله أي البيان.
(١) يعني: لا إذا شرع عقيب الإمكان فإنما الفعل هو الذي يستدعي زماناً، ومثله لا يعد تأخيراً، كمن قال لغلامه إلخ. (عضد بأكثر اللفظ).
(٢) وهو الفعل لكونه أدل كما مر. (عضد).
(٣) في النسخة من المتن التي قرئت على المؤلف مسألة حذفت هاهنا جميعها، وذكرها في الشرح في آخر المسألة الثانية، فلننقلها بلفظها ونشرحها، قال #: (مسألة): اعلم أن المجمل يكفي في بيانه أدنى ولو مرجوحاً؛ إذ لا تعارض، وأما الظاهر من العام والمطلق فإنه (يجوز مساواة بيان الظاهر له) أي: للظاهر، وهو قول الكرخي ومختار المؤلف، وقال ابن الحاجب ونقله العضد عن الأكثر: إنه يجب أن يكون البيان أقوى من المبين الظاهر، لنا أنا إنما حكمنا بجواز المساواة (للإعمال) أي: لإعمال الدليلين؛ إذ لو لم نعتبر بيان المساوي لزم إلغاء الدليلين، فلا ينهض ما استدل به ابن الحاجب والعضد حيث قالا: لنا أما أنه لا يجوز بالمساوي فلأنه يلزم التحكم، فليس أحدهما مع تساويهما أولى بالإبطال من الآخر، قلنا: بل إعمالهما أولى من إبطالهما (والقول بوجوب) إعمال (الأقوى) لا المساوي (يبطله) أي: يبطل إعمال الدليلين (و) قال أبو الحسين: يجوز بيان الظاهر بالأدنى، قلنا: =