هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(فصل:) في البيان والمبين

صفحة 43 - الجزء 3

[مسألة في ورود قول وفعل بعد المجمل يصلح كل منهما للبيان]

  مسألة: (إذا ورد بعد المجمل⁣(⁣١) قول وفعل) يصلح كل منهما للبيان فهما إما متفقان كما لو طاف بعد نزول آية الحج طوافاً واحداً وأمر بطواف واحد، أو مختلفان كما لو فعل طوافين وأمر بواحد.

  وعلى أنهما (متفقان) إما أن يعلم المتقدم منهما أو لا، إن علم (فالمتقدم البيان) لحصوله به قولاً واحداً⁣(⁣٢) (وإن جهل) المتقدم منهما (فأحدهما) هو البيان⁣(⁣٣) عند الجمهور، وهو الأول في نفس الأمر، والثاني كالتأكيد⁣(⁣٤)؛ لحصول المقصود دونه سواء كان راجحاً أو مساوياً أو مرجوحاً.

  (قيل:) الأمر كذلك مع التساوي، وإلا وجب أن (يتعين غير الراجح) للبيان حكماً بتقدمه وتأخر الراجح، وإلى هذا ذهب الآمدي؛ وذلك (لامتناع التأكيد به) أي: بالمرجوح لو قدر متأخراً؛ لأن الشيء لا يؤكد بما هو دونه في الدلالة.


(قوله): «يتعين غير الراجح للبيان» قال الشيخ العلامة | في شرح الفصول: تخصيص هذا الخلاف بحالة الجهل ظاهر كلام ابن الحاجب، وصرح به الآمدي على ما نقله عنه الأسنوي، لكن الحكم بامتناع كون المرجوح مؤكداً وجعل لزوم ذلك هو العلة للحكم بالتقدم يقتضي أن من قال بهذا قال: المرجوح هو البيان مع العلم بتقدم الراجح أيضاً.


= القول (بجواز) اعتبار (الأدنى يبطل الراجح) وذلك لا يجوز؛ لأنه يلزم إلغاء الراجح بالمرجوح، وأنه باطل، بيانه أن العام إذا بين والمطلق إذا قيد بما ليس دلالته على المخرج منهما كدلالة العام والمطلق في القوة فقد ألغي دلالة العام عليه، وهو أقوى بدلالة المخرج عنه، وهو أضعف. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد |). ولم نجد للمؤلف # شرحاً على هذه المسألة فيما رأيناه من الشروح، وقد أشار إلى هذا البحث بقوله آخر الباب: وهاهنا خلاف ... إلخ، وقد شرحها أيضاً ابن جحاف في شرحه على الغاية، اطلعنا عليه وتركناه استغناء بالمحرر هنا.

(١) فإن علم وجودهما دفعة فكلاهما بيان، ذكره في الفصول.

(٢) لعله عند القائلين بأنه يبين بالفعل.

(٣) من غير تعيين. (شرح جحاف).

(٤) في الصورتين، يعني صورتي علم المتقدم وجهله.