الباب الرابع من المقصد الرابع: (في المجمل والمبين)
  بعض ما يتناوله بلفظٍ لا دلالة له على إثبات غير ذلك البعض، ومفهومه ليس بحجة؛ إذ ليس مفهومه في الدلالة كاللفظ - أولى أن لا يكون موهماً(١) لمنع التخصيص.
  ومنهم من ذهب إلى أنه (على) تقدير (الجواز) لتأخير البيان إلى وقت الحاجة (يجوز تدريج البيان) قيل: وهو مذهب المحققين، محتجين بأنه لو لم يجز لم يقع، لكنه واقع، أما الشرطية فظاهرة، وأما الاستثنائية فلأن قوله تعالى: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ٥] أخرج منه أهل الذمة أولاً ثم العبد ثانياً ثم المرأة ثالثاً،
(قوله): «فإخراج بعض ما يتناوله» هذا مبتدأ، خبره قوله: أولى.
(قوله): «بلفظ» نحو: لا تقتلوا أهل الذمة.
(قوله): «لا دلالة على إثبات غير ذلك» أي: على إثبات الحكم لغير ذلك البعض، يعني لا دلالة لأهل الذمة على إثبات الحكم لغيرهم وهم الحربيون حتى يتم ما ادعاه المخالف من أن إخراج أهل الذمة يوهم وجوب الاستعمال في جميع ما بقي.
(قوله): «ومفهومه» أي: هذا البعض «ليس بحجة» كمفهوم اللقب في هذا المثال.
(قوله): «إذ ليس مفهومه في الدلالة كاللفظ» وهذا فيما كان معمولاً به من المفاهيم.
(قوله): «أولى أن لا يكون موهماً» جعل المؤلف # الأولوية في عدم الإيهام فنوقش في كونه أولى، وأما ابن الحاجب فجعل الأولوية في جواز الإيهام حيث قال: وإذا جاز إيهام الجمع فإيهام البعض أولى، فظهر بما ذكره الأولوية.
(قوله): «قيل وهو مذهب المحققين» واختاره ابن الحاجب.
(١) لأن دلالة إخراج ذلك الفرد على عدم خروج غيره بمفهوم اللقب، بخلاف العام فإنه منطوق، وفيه نظر؛ لأن الفرض أن دلالة الإخراج انضافت إلى دلالة العام فاعتضدت بها، فالأولى التعويل على الجواب، والله أعلم. (السيد هاشم بن يحيى). ويمكن جواب آخر، وهو أن يقال: إن اعتضاد العموم بالمفهوم وإن كان مرجحاً له فلا نسلم أنه يساوي دلالة العموم الذي لم يخص؛ لكونها حقيقة، ودلالة العموم الذي قد خص مجازية، حتى إن بعض الأصوليين ذهب إلى أنه لا يحتج به بعد تخصيصه، وسيأتي في الترجيح أنه يرجح العموم الذي لم يخص على الذي خص لهذا، ولأنه قد انفتح فيه باب التخصيص فيكون مظنة لكثرة التخصيصات فيه، سلمنا أن اعتضاده بالمفهوم يصيره مساوياً للعموم الذي لم يخص فهما متساويان في القوة، فدعوى الإيهام المانع من التخصيص في العموم الذي خص دون العموم الذي لم يخص مع استوائهما تحكم محض لا ينبغي للمصنف ارتكابه، كيف والإيهام المدعى ممنوع من أصله كما أفاده المؤلف في الجواب؟