[المنطوق]
  القرية» لم يصح عقلاً؛ لأن سؤال الجماد غير معقول.
  وأما الصحة الشرعية فكقولك: «أعتق عبدك عني على ألف»؛ لاستدعائه تقدير التمليك؛ لأن عتقه عنه بدون تمليكه لا يصح شرعاً.
  وثانيهما: أن يقترن الملفوظ الذي هو مقصود المتكلم بوصفٍ لو لم يكن ذلك الوصف لتعليل ذلك المقصود كان اقترانه بعيداً، فيفهم منه التعليل ويدل عليه وإن لم يصرح به، ويسمى تنبيهاً وإيماء(١)، وسيأتي في القياس مفصلاً إن شاء الله تعالى.
  والثاني: وهو الذي لم يكن مقصوداً للمتكلم يسمى: دلالة إشارة(٢)، مثل ما روي: «تمكث إحداهن شطر دهرها لا تصلي» أي: نصف دهرها، فدل على أن مدة الحيض قد تكون مساوية لمدة الطهر، ولا شك أن بيان ذلك غير مقصود، لكنه لزم من حيث إنه قصد به المبالغة في نقصان دينهن، والمبالغة تقتضي ذكر أكثر ما يتعلق به الغرض، فلو كان زمان ترك الصلاة وهو مدة الحيض أكثر من
(قوله): «أن يقترن الملفوظ الذي هو مقصود المتكلم ... إلخ» هذه العبارة أحسن من عبارة شرح المختصر كما يعرف ذلك بمطالعة حواشيه.
(قوله): «كان اقترانه بعيداً» كقصة الأعرابي فإنه اقترن الأمر بالإعتاق بالوقاع الذي لو لم يكن هو علة لوجوب الإعتاق لكان بعيداً.
(١) مثاله قول الأعرابي: هلكت وأهلكت، فقال ÷: «ماذا صنعت؟» فقال: واقعت أهلي في نهار رمضان، فقال: «أعتق رقبة» فإنه يدل على أن الوقاع علة للإعتاق، وذلك لأن عرض الأعرابي واقعته عليه ÷ لبيان حكمها، وذكر الحكم وهو الإعتاق جواب له - أي: للأعرابي - ليحصل غرضه، ولئلا يلزم إخلاء السؤال عن الجواب وتأخير البيان عن وقت الحاجة، فكأنه قال: إذا واقعت فكفر. اهـ حديث الأعرابي أخرجه الستة كما سيأتي.
(٢) وهي أن لا يتوقف الصدق ولا الصحة على إضماره، لكن يدل اللفظ على ما لم يكن مقصوداً في الأصل، ولكنه من توابعه. (من الغيث الهامع شرح جمع الجوامع).
(*) والإشارة وإن كانت لغة هي الإيماء فقد قصدوا باختلاف ألفاظ الأسماء الدلالة على اختلاف المسميات اصطلاحاً وإن اتفقت مسمياتها لغة، كما أن كل دليل مقتض لمدلوله لغة وعقلاً وقد قصروا في الاصطلاح دلالة الاقتضاء على ما يتوقف عليه الصدق والصحة؛ طلباً للدلالة على تمايز الأقسام بتمايز أسمائها. (جلال).