التصورات
  وهو إما أن يمتنع فرض صدقه على الكثرة أو لا يمتنع (إن امتنع فرض صدقه(١) على الكثرة فجزئي كزيد(٢)) والمراد بالفرض هنا تجويز العقل، لا التقدير(٣)؛ لأنه لا يستحيل تقدير صدق الجزئي(٤) على كثيرين.
(قوله): «إن امتنع فرض صدقه ... إلخ» قيل: عدل المؤلف # عن قولهم في حد الكلي: هو الذي لا يمنع نفس تصور مفهومه عن وقوع الشركة فيه. وفي حد الجزئي: هو الذي يمنع نفس تصور مفهومه عن وقوع الشركة فيه - لئلا يرد عليه أن التصور هو حصول صورة الشيء في العقل، والصورة العقلية كلية، فاستعمال التصور في حد الجزئي غير مستقيم. وقد أجيب عنه بأن التصور هو حصول صورة الشيء في العقل أو عنده، فإن كان كلياً فحصول صورته في العقل، وإن كان جزئياً[١] فصورته في آلته بلا إشكال. ذكر معناه في شرح المطالع، وبهذا الجواب يتبين أن إيراد المؤلف لعبارتهم كما يأتي في المبادئ اللغوية حيث قال: فإن تشخص ذلك المعنى بحيث يمنع نفس تصوره من فرض الشركة فيه ... إلخ بناء منه على صحة كل من التعريفين؛ لاندفاع هذا الإيراد بهذا الجواب.
(قوله): «تجويز العقل» كما في قولهم: يمتنع فرض الانقسام في النقطة.
(قوله): «لا التقدير» كما هو معناه لغة، مثل قولهم: على سبيل الفرض والتقدير، فإن هذا ممكن في الجزئي؛ إذ معناه أن تقدر صدقه على كثيرين بحرف الشرط، فإنه يقع مقدم الشرطية في هذا التقدير وتالي هذه الشرطية، فيقال: إن كان زيد صادقاً على كثيرين لم يكن جزئياً، وإن لم يكن صادقاً على كثيرين كان جزئياً، وهذا معنى قول المؤلف: لأنه لا يستحيل ... إلخ، يعني وإنما الممتنع هو الفرض بالمعنى الأول.
(١) عبارة الدواني: إن امتنع أن يحكم العقل بعد تصوره بصدقه على كثيرين فجزئي أي: يكون سبب الامتناع مجرد تصوره، ويعرف ذلك بعد تصوره بصدقه على كثيرين أي يكون بسبب الامتناع مجرد تصوره ويعرف ذلك بأن يغمض العقل عن الخصوصيات المقارنة له ويجرد النظر إلى الصورة الحاصلة، فإن امتنع الحكم بجواز صدقه على كثيرين فهو جزئي، فلا يرد أن فرض صدق الجزئي على كثيرين ممكن؛ فإنه يقع مقدم الشرطية وتاليها في قولك: إن كان زيد صادقاً على كثيرين لم يكن جزئياً، وعكسه، فالفرض هاهنا ليس بمعنى التقدير، بل بالمعنى الذي مر، كما أنه في قولهم: يمتنع فرض الانقسام في النقطة ليس بمعنى التقدير أيضاً.
(٢) قوله: «كزيد» أي: كمفهوم زيد، فإن العقل بعد تصوره يمنع من فرضه مشتركاً بين كثيرين. وكهذا الإنسان، فإن الهذية إذا حصل مفهوماً عند العقل امتنع بمجرد تصوره عن صدقه على أمور متعددة.
(٣) والفرق دقيق أشار إليه الشيخ في الشفاء حيث قال: معنى زيد يستحيل أن يجعل مشتركاً فيه، فإن معناه هو ذات المشار إليه، وذات هذا المشار إليه يمتنع في الذهن أن تجعل لغيره، فالحاصل أن مجرد فرض صدق الشيء على كثيرين لا بالفعل بل بالإمكان كاف في اعتبار الكلية، فلتكن هذه الدقيقة على ذكر منك، فلها في تحقيق المحصورات مواضع نفع. (مطالع). والله أعلم.
(٤) أي: من دون تجويز العقل.
[١] يعني مادياً، وعلى هذا كان على المصنف أن يقول هنا: «ما حصل في العقل أو عنده كما سلف له، والله أعلم. (عبدالله الوزير). هذا مبني على نسخة لم يثبت فيها: أو عنده، فتأمل. (ح عن خط شيخه).