هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

الباب (الخامس) من المقصد الرابع: (في مفهومات الخطاب)

صفحة 72 - الجزء 3

  ومثله تأويل قوله ÷ لفيروز الديلمي⁣(⁣١) وقد أسلم عن أختين: «اختر أيتهما شئت» عند الترمذي، و «طلق أيتهما شئت» عند أبي داود، وفي إسناده أبو وهب⁣(⁣٢) الجيشاني، قال البخاري: وفي إسناده نظر - بمثل ما تقدم⁣(⁣٣)، مع زيادة الدلالة على أن الترتيب غير معتبر⁣(⁣٤) بقوله: «أيتهما شئت».

  قلنا: لم يثبت أصحابنا والحنفية الحكم بهذا الحمل، وإنما لهم أدلة مشهورة في الفروع.

  وهذان الحديثان ضعيفان من أصلهما كما أشرنا إليه، فتأويلهما إنما هو لموافقة الأدلة الصحيحة على تقدير صحتهما، ولهذا قال الدواري: إن الدلالة الدالة على بطلان تلك العقود المانعة من استباحة الفروج إلا بعقد شرعي تجعل هذا


(قوله): «ومثله تأويل» متعلق التأويل قوله فيما يأتي: بمثل هذا.

(قوله): «ولهذا قال الدواري» الدلالة في كلام الدواري مأخوذة من قوله: إن الدلالة الدالة على بطلان تلك العقود، فاقتضى كلامه أن لأصحابنا أدلة في الفروع كما ذكره المؤلف #، لكن قول الدواري: تجعل هذا التأويل قريباً زيادة لم يتعرض لها المؤلف في كلامه؛ لأن كلامه السابق إنما هو في مجرد كون لأصحابنا والحنفية أدلة على بطلان تلك العقود، ولم يتعرض لقرب هذا التأويل بسبب تلك الأدلة، وهذا أولى مما يشعر به كلام الدواري؛ لأن وجه بعده أمر يرجع إلى الشخص، وهو عدم معرفته الأحكام من غير نظر إلى قيام الأدلة على البطلان.


(١) الحديث أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والشافعي، وصححه ابن حبان وغيره، وحسنه الترمذي من حديث الضحاك بن فيروز عن أبيه أنه قال: أسلمت وعندي امرأتان أختان فأمرني رسول الله ÷ أن أطلق إحداهما، ولفظ الترمذي أنه ÷ قال له: اختر أيتهما شئت.

(٢) أبو وهب الجيشاني بفتح الجيم وسكون التحتانية بعدها معجمة المصري، قيل: اسمه ديلم بن هوشع، وقال ابن يونس: هو عبيد بن شرحبيل، مقبول من الرابعة. (تقريب).

(*) هذه النسبة إلى جيشان، وهي من اليمن، كذا في الأنساب للسمعاني.

(٣) بأمسك الأولى منهما، وهو أبعد من تأويلهم حديث غيلان؛ لقوله ÷: «أيتهما»، وهو صريح في التخيير لا التعيين. (مختصر وشرحه للجلال بالمعنى).

(٤) إذ الثانية لا تحل.