هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

الباب (الخامس) من المقصد الرابع: (في مفهومات الخطاب)

صفحة 94 - الجزء 3

  بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت ..» الحديث، فلا يؤخذ منه الحل لمن لا تؤمن بالله واليوم الآخر. وقد ذكر صور غير ذلك لا حاجة إلى التطويل بها بعد تقرير الضابط⁣(⁣١).

  ومنها مجيء الصفة للتوضيح، فإن جاءت محتملة للتخصيص والتوضيح جاء الإجمال في المفهوم، كما في قوله عليه الصلاة والسلام لما استعار من صفوان بن أمية⁣(⁣٢) أدرعاً فقال: أغصباً يا محمد؟: «بل عارية مضمونة»، يحتمل الإيضاح أن العارية شأنها ذلك، فيكون حكماً للعارية مطلقاً كما تذهب إليه الشافعية، ويحتمل التخصيص، أي: مشروط فيها الضمان، فلا تكون العارية مضمونة حتى يشرط فيها ذلك كما يذهب إليه أصحابنا⁣(⁣٣) والحنفية.

  ومنها - وهو من الفوائد المختصة بالعدد -: أن يقصد به التكثير كالألف


(قوله): «فلا يؤخذ منه الحل ... إلخ» قد أخذ به في الأزهار.

(قوله): «للتوضيح» لأن المراد بالوصف ما يفيد نقص الشيوع وقصر العام على البعض لا مجرد كونه صفة لموصوف، قال في الجواهر: المراد بالصفة المخصصة لا الكاشفة والمادحة والذامة والمؤكدة.

(قوله): «أدرعاً» قيل: مائة، وقيل: ثلاثين، وقيل: أربعين، فقد استعمل المؤلف جمع القلة في الكثرة مجازاً.


(١) وهو حيث لا فائدة للتقييد سوى التخصيص.

(٢) القرشي، وكان قدمه في الإسلام غير ثابت، وكان النبي ÷ يتألفه ليحسن إسلامه. (شرح بحر عن خط بعض العلماء).

قال الإمام الحجّة مجدالدين بن محمد المؤيدي # في ترجمته في كتابه لوامع الأنوار (ج ٥/ص ١٣٥/ط ٥) ما لفظه: صفوان بن أُمَيَّةَ بن خَلَف الْجُمَحِيُّ المكي، أحد الأشراف الطلقاء، وشهد حُنَيْناً وهو كافر، ثم أسلم وحسن إسلامه، وكان من المؤلَّفة. مات سنة اثنتين وأربعين. أخرج له: محمد، ومسلم، والأربعة. انتهى.

(٣) قال في الشرح: وهو إجماع أهل البيت؛ لما روي عن أنس أن النبي ÷ استعار قصعة فضاعت فضمنها لهم، أخرجه الترمذي، وقال أبو حنيفة وأصحابه، وهو مروي عن علي # وابن عمر: إنه لا يضمن وإن ضُمِّن، قال: وعند الشافعي وابن عباس وأبي هريرة أنه ضامن وإن لم يضمن، وهذا هو القوي؛ لخبر القصعة، ولظاهر خبر صفوان، ولأن المستعير أخذ لمنفعته. (من شرح السيد أحمد الشرفي على الأزهار).