هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[المفهوم]

صفحة 96 - الجزء 3

[الأقوال في العمل بمفهوم المخالفة]

  واعلم أن مفهوم المخالفة مختلف فيه على أقوال كثيرة⁣(⁣١)، فأما مفهوم الصفة فهو حجة معمول بها عند أكثر أصحابنا والشافعي ومالك وأحمد وأبي عبيدة معمر⁣(⁣٢) بن المثنى حكاه عنه القاضي أبو بكر الباقلاني في التقريب والجويني وغيرهما وأبي عبيد القاسم بن سلام⁣(⁣٣) رواه عنه الآمدي وابن الحاجب وابن


(قوله): «معمر بن المثنى» هو النحوي المشهور، روى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام، وهو معاصر للأصمعي، وهو علم من أئمة اللغة.


(١) (والحنفية ينفونه) أي: مفهوم المخالفة (بأقسامه في كلام الشارع فقط) قال الكردي: تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عداه في خطابات الشارع، فأما في متفاهم الناس وعرفهم في المعاملات والعقليات فيدل اهـ ثم لما وافق أصحابنا الشافعية في غالب أحكام الأمثلة السابقة، وكان ذلك موهماً كونهم قائلين بمفهوم المخالفة أزال ذلك بقوله: (ويضيفون حكم الأولين) مفهوم الصفة والشرط (إلى الأصل) وهو العدم الأصلي بحكم الاستصحاب، وإبقاء ما كان على ما كان، وإنما أخرج المنطوق من ذلك الحكم الأصلي لمكان النطق المصرح بخلافه، فما سواه أبقي على حاله (إلا لدليل) يعني: حكم الموصوف عند اتصافه بوصف آخر، والمشروط عند عدم الشرط - إنما هو العدم الأصلي دائماً، إلا إذا ثبت له حكم حادث لدليل اقتضى ذلك (والآخرين) أي: ويضيفون حكم ما بعد الغاية وما وراء العدد (إلى الأصل الذي قرره السمع) أي: الشرع من العمومات وغيرها، كقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}⁣[النساء: ٢٤] في حل نكاح المطلقة ثلاثاً بعد نكاح الزوج الثاني، وعموم المنع من الأذى الدال على حرمة الضرب بعد الثمانين في القذف، ولعل تخصيص الأصل في الأخيرين بتقرير السمع بحكم الاستقراء، بأن وجدوا مواردهما كلها داخلة تحت أصل قرره السمع، بخلاف الأولين (ويمنعون نفي النفقة) للمبانة التي ليست بحامل، جواب إشكال، وهو أنكم قلتم: يضاف حكم الأولين إلى الأصل، ولا يستقيم ذلك في المبانة المذكورة؛ لأن الأصل فيها وجوب النفقة ما دامت في العدة؛ لأن النفقة في مقابلة احتباسها له، نعم كان الأصل عدم الوجوب قبل النكاح، لكنه انعكس الأمر بناء على علته، فأجيب بمنع نفيها، فإن نفقتها واجبة عندنا. (تحرير وشرحه).

(٢) بفتح الميمين، ذكره ابن خلكان، بينهما عين مهملة وفي آخره الراء، والمثنى بضم الميم وفتح الثاء المثلثة وتشديد النون المفتوحة وفي آخره ياء مثناة من تحتها. (ابن خلكان).

(٣) بتشديد اللام.