هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

الباب (الخامس) من المقصد الرابع: (في مفهومات الخطاب)

صفحة 98 - الجزء 3

  دون غيره؛ لأن الاعتناء بمتابعة الأوصاف يفيد تأكيد أن الحكم فيما عداها بخلافه، ويُضعِّف احتمال إفادتها لغير ذلك.

  وروي عن أبي عبدالله البصري أنه حجة في ثلاث صور: أحدها: أن يكون الخطاب ورد للبيان، نحو: «في سائمة الغنم زكاة» المبين لآية الزكاة⁣(⁣١). ثانيها⁣(⁣٢): أن يكون لابتداء التعليم، كحديث: «إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة تحالفاً»، مفهومه عدم التحالف مع عدم قيام السلعة⁣(⁣٣). ثالثها: أن يكون ما عدا الصفة داخلاً تحتها، كالحكم بالشاهدين⁣(⁣٤)؛ لأن المفهوم - وهو الشاهد الواحد - داخل تحت لفظ الشاهدين، فلو لم يكن الحكم في الواحد مخالفاً لما كان


(قوله): «كالحكم بالشاهدين» ذكر السعد أن هذا من مفهوم العدد دون الصفة؛ لأنه قال: إلا أنك قد عرفت أن مرجع الكل إلى الصفة معنى.


(١) قال السبكي في شرحه للمختصر: وإنما جعل السائمة بياناً لا تعليماً لأن الزكاة سبق وجوبها، بخلاف التحالف فإنه لم يسبق حكمه على قوله #: «إذا اختلف المتبايعان»، فالبيان ما تقدمه الحكم مجملا، والتعليم ما يرد واضحاً لم يتقدمه شيء.

(٢) عبارة ابن الحاجب: أو للتعليم كالتحالف. قال السبكي: كما في قوله #: «إذا اختلف المتبايعان تحالفا». وكتب السبكي: قال شيخنا: إنما يتم التمثيل بحديث التحالف إذا كانت الصيغة فيه: «إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة تحالفا» كما نقله أبو الحسين البصري في شرح المعتمد عن أبي عبدالله البصري، وبهذا يدل على أن السلعة إذا لم تكن قائمة لا تحالف، والحديث بهذه الزيادة رواه الدارقطني بإسناد ضعيف. (من خطه من هامش شرح السبكي).

(٣) هذا لا يرد عليه ما أورده السعد على العضد من أن هذا من قبيل مفهوم الشرط إذا لم يذكر في شرح المختصر قوله: والسلعة قائمة كما ذكره المؤلف # فتأمل اهـ لأن عبارة العضد: إن تخالفا في القدر أو الصفة فليتحالفا أو ليترادا. اهـ قال السعد: كأنه نقل بالمعنى، وإلا فلا يوجد بهذه العبارة في الكتب المعتبرة، ومع ذلك فهو من قبيل مفهوم الشرط إلخ اهـ المراد نقله.

(٤) يفهم منه أنه لا يحكم بشاهد واحد؛ لأن الواحد جزء الاثنين، والجزء لا يكون له حكم الكل، إلا أن هذا من مفهوم العدد، وكلامنا في مفهوم الصفة، نعم ذكر الجويني في البرهان أن جميع المخصصات راجعة إلى الصفة؛ لأن المعدود موصوف بعدده، والمظروف موصوف بالاستقرار في ظرفه، ونحو ذلك. (شرح مختصر للجلال).